على وقع المجازر شبه اليومية جراء غارات العدوان المتعدد الجنسيات بقيادة ورعاية سعودية على اليمن، فتحت نافذة احتمال تجدد المحادثات السياسية لوقف الحرب الفاشلة في لي ذراع اليمنيين، بعد ان اقتنع مخططو العدوان ومنفذوه بفشل الخيار العسكري لحسم الامور لصالحهم.

الاشارة الاولى جاءت على لسان "غوبلز" العدوان، العميد السعودي احمد عسيري الذي اعلن قرب انتهاء العمليات العسكرية في اليمن, وهو الذي كان اعلن قبل اشهر انتهاء العدوان المسمى"عاصفة الحزم، وانطلاق "عاصفة الامل" التي لم تشهد اي تبدلات ميدانية عن تلك التي اعلنت نهايتها، باستثناء التحول الدراماتيكي نحو الاهداف المدنية، ولا سيما الاسواق الشعبية التي باتت اكثر الاهداف تصديرا للشهداء .

بموازاة ذلك كانت عملية مفاوضات طلبتها السعودية تجري على الحدود مع انصار الله لتبادل الاسرى السعوديين من العسكريين، بالمخطوفين اليمنيين، وسط نشر انباء "غوبلزية" بان المفاوضات تجري مع القبائل والعشائر على الحدود، سيما ان انصار الله التزموا الصمت حتى انهاء العملية، واكتشاف مدى الالتزام السعودي بالوعود سيما ان ايا من التجارب السابقة لم تكن ليركن اليها في الثقة المطلوبة بنسبة واحد بالمئة.

في ظل هذا الوضع عاد المبعوث الدولي اسماعيل ولد الشيخ بث الحياة في حركة الاتصالات بعد اقل من اسبوع على اعلان يأسه من احتمال ردم الهوة المليئة بالالغام، سيما ان اطرافا متعددة على رأسها السعودية، وبعض ادواتها الفاسدين لا يريدون وضع حد للمأساة التي رفعت عدد الفقراء في اليمن الى 22 مليون انسان، الى جانب تدمير بنى ومنشآت ومنازل تصل كلفة اعادتها كما كانت اكثر من مئة مليار دولار، وفق وزراء في حكومة عبد ربه منصور هادي اللاجئة إلى السعودية، كما ان هناك مصلحة للولايات المتحدة في استمرار النزف كي تبقى اساطيلها تجوب المنطقة البحرية المتاخمة واستنزاف دول الخليج ماليا جراء اشراف خبرائها على جيوش تلك المشيخات ,وتقديم النصح لهم كما تريد الشركات المنتجة للسلاح .

الا ان الاصوات الاوروبية المتصاعدة في البرلمانات والدعوات الى وقف توريد الاسلحة الى السعودية لعبت دورا ضاغطا حتى على الولايات المتحدة، سيما ان مجازر متعددة ارتكبت بتلك الاسلحة لم تكن اخرها مجزرة سوق حجة التي ذهب ضحيتها اكثر من 120 شهيدا جلهم من النساء والاطفال .

لم تكن حركة ولد الشيخ المتجددة هذه المرة ولقاءاته مع الاطراف اليمنية المتنازعة بمعزل عما سبق، ومن دون ضوء اخضر سعودي، خصوصا ان سمعة ال سعود الدموية لم تعد تطاق ودفعت حتى الامين العام للامم المتحدة للمناشدة بوقف حمام الدم .

وليس بعيدا من الاستنتاج السعودي بان التمادي في رفض التوصل الى حل عادل للازمة اليمنية، سيجعل الاصوات تتزايد رفضا للعدوان الذي نال عشرات الفرص لحسم الامور عسكريا وفشل في تحقيق المآرب السوداء، في وقت بدأت حتى اصوات اميركية ترتفع في ان العدوان لم يعد في صالح الامن القومي الاميركي، وكذلك الحديث المتنامي في اوروبا وبعض اروقة الامم المتحدة عن احتمال محاكمات مستقبلا بما يخص جرائم الحرب، وهذه الامور تطرق اليها وفد الكونغرس الاميركي في لقاءاته مطلع الاسبوع مع المسؤولين السعوديين .

ان الخسائر السعودية المتعاظمة ايضا لها دور في بلورة وجهة نظر بضرورة وقف حرب لم تقدم ايجابية ولو شكلية لآل سعود، وانما العكس تماما كان النتيجة العملية لهذا العدوان، كما ان السعودية فشلت في جعل حكومة هادي تقديم نموذجاً يمكن الركون اليه في ادارة حتى المناطق التي لا تسيطر عليها القوات اليمنية من انصار الله وقوات علي عبدالله صالح او سواهما.

كما انها فشلت في التعامل مع الملف الانساني بكليته بينما المسؤولون اليمنيون المقيمون في السعودية يتسابقون وابناؤهم الى تكديس الثروات، وبات الابناء هم مدراء مكاتب ابائهم، وحتى بات الخوف من فقدان الامتيازات المالية احد عوامل معارضة وقف القتال .

في الخلاصة، فان الموفد الدولي تحدث عن مفاوضات ستجري في نيسان المقبل ,ومن دون تحديد موعد نهائي ما يجعل الامور مفتوحة على احتمالات تلعب الغرائز السعودية دورا مركزيا في تحديد اتجاهاتها.