لا يعوّل المعنيون مباشرة بالشأن الرئاسي والعالمون بالتعقيدات المحيطة به على الزيارة المرتقبة للرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الى بيروت نهاية الأسبوع الجاري. فبالرغم من كل ما قد يعنيه توقيت هذه الزيارة وشكلها، خاصة وأن باريس حاولت أكثر من مرة في السنتين الماضيتين تبني الملف الرئاسي وتحريكه بالتوسط لدى طهران من دون جدوى، الا ان هولاند لن يحمل في جعبته وكما يؤكد مطلعون جديدًا يُمكن البناء عليه لغياب الارضيّة المناسبة التي سيقوم عليها الحل الرئاسي.
حتى أن مصادر معنية لا تتردد بالجزم بسقوط الفرصة التي كانت سانحة للبنان في الأشهر الـ8 الماضية بانتخاب رئيس بمعزل عن ملفات المنطقة وحتى عن الملفات الداخلية، لافتة الى ان "حزب الله" عاد ليتمسك بالسلة المتكاملة التي كان أمينه العام السيد حسن نصرالله أول من طرحها والتي تشمل تفاهمات بالجملة على كل القضايا العالقة وفي مقدمها قانون الانتخاب.
ولم يأت الموقف الأخير من السلة المتكاملة الذي أطلقه رئيس تيار "المستقبل" سعد الحريري في الأيام القليلة الماضية من عدم، فهو على اطّلاع تام على المستجدات بما يتعلق بموقف "حزب الله" من الرئاسة وعودته للمطالبة بالسلة، من هنا كان تأكيد الزعيم الشاب تمسكه بترشيح رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية واعلانه بالفم الملآن رفض منطق السلّة وربطه بادراج سلاح "حزب الله" ضمنها. ولا تستغرب المصادر عدم تجاوب تيار "المستقبل" مع الموضوع وتصعيده من خلال العودة لوضع بند السلاح الذي سُحب في السنوات القليلة الماضية من التداول على طاولة البحث، لاقتناعها بأن لا ضوء أخضر اقليمي يتيح الاتفاق والتلاقي الداخلي خصوصًا مع اتساع رقعة الصدام بين طهران والرياض والمواجهة بين السعودية و"حزب الله". وفي هذا الاطار تعتبر المصادر انه "اذا كان الحريري يريد ان تتضمن السلة سلاح الحزب فليتحضر اذا لادراج مصير النظام ككل!"
وتؤكد المصادر أن رئيس تكتل "التغيير والاصلاح" النائب ميشال عون ليس بعيدا على الاطلاق عن هذا الجو، حتى أنّه لم يعد متحمّسًا للرئاسة بالوقت الراهن وبات يبدّي الانتخابات النيابية واقرار قانون جديد للانتخاب على ما عداه من طروحات، لافتة الى ان تراجعه عن التلويح بخيار الشارع جاء بعد اقتناعه بعدم جدواه خصوصًا وأنّه وجد نفسه وحيداً ينادي به بعدما أعلن حليفه الجديد رئيس حزب "القوات" سمير جعجع عدم حماسته له، مُطلقا بذلك موقفا مماثلا لموقف "حزب الله" الذي كان أبلغه للرابية منذ اليوم الأول لمفاتحته بالموضوع.
وتُدرك الأطراف المعنية أن الاتفاق على بنود السلة أكثر تعقيدا من التفاهم على اسم رئيس للبلاد، لذلك لا ترى الأفق مفتوحًا على حلول مقبلة، مرجحة أن تستمر المراوحة حتى حزيران 2017 موعد الانتخابات النيابية التي أجلت لدورتين متتاليتين. وتضيف المصادر: "هناك تفاهم عميق واستراتيجي هذه المرّة وقرار واضح لدى حزب الله بعدم السير بتمديد ثالث، حتى ولو كانت الانتخابات ستجري وفق القانون الأكثري الحالي"، مختصرة المشهد بذلك بالمنطق التالي: "اما العمل على بلورة تفاهم حول السلة المتكاملة خلال العام المقبل أو الرضوخ لنتائج الانتخابات النيابية 2017 وكل ما سينتج عنها!"
وحتى ذلك الوقت، تستمر لعبة حرق اوراق المرشحين وحرق أعصاب اللبنانيين بالتزامن مع تداعي النظام برمته أمام أعين اللاعبين الاقليميين والدوليين، الذين وصلوا على ما يبدو لقناعة مفادها أن لا شيء سيستقيم في لبنان قبل الانهيار الكبير والتام لتنطلق عملية البناء من الصفر.