زيارة وكيل المرجع الديني الأعلى السيد علي السيستاني السيد جواد الشهرستاني الأخيرة الى لبنان حدث بحد ذاته وهي تؤشر الى رمزية هذا البلد واهميته والاهتمام التي توليه المرجعية له.

الزيارة أتت انطلاقا من حرص المرجعية على الوحدة الاسلامية وترجمة لقول السيد السيستاني الشهير "أهل السنة اخوانكم بل هم أنفسكم" فكانت الدعوات للوحدة والتكاتف في وجه الارهاب المتعدد الرؤوس التكفيري والصهيوني، كما انها زيارة مرجعية للرعية فهم امام تحديات كبرى ولا بد من تفقدهم والوقوف الى جانبهم. الزيارة الى لبنان لها رمزيتها، وبرنامجها كان شاملاً وضاغطاً لضيق الوقت، فشملت اللقاءات مختلف تلاوين المجتمع اللبناني الروحية والسياسية وغيرهم وتركت اثرا ايجابيا وارتياحا على الساحة اللبنانية.

حرص وكيل المرجعية على زيارة دار الفتوى حيث عقد لقاء علمائي سني شيعي مفاده نعم للوحدة كلا للفتنة بين المسلمين، أما في المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى فترجمت قاعة الوحدة الوطنية اسمها حضور شخصيات من مختلف أطياف النسيج اللبناني تكريما لرسول المرجعية العليا، رئيس مجلس النواب نبيه بري كرم الضيف الوافد الى وطن الأرز وأمام رؤساء الطوائف الروحية بعث برسائل عابرة للساحة اللبنانية فشدد على ان الامة بحاجة الى "صوت السيد السيستاني لبناء الوعي ومنع الفتن"، وقبل توجه الى دمشق لزيارة السيدة زينب والسيدة رقية كان لقاء مطول مع الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله استمر حيث حضرت شجون وهموم الأمة، وعلى مقربة من السلسلة الشرقية حيث بقايا داعش عالقة في تلك الجبال القلمونية جال السيد الشهرستاني والوفد المرافق في مدينة الشمس بعلبك متفقدا اهلها، وفي صيدا بوابة الجنوب لقاء روحي شاركت فيه معظم الطوائف اللبنانية ليدخل بابها متوجها الى عمق الجنوب اللبناني، تفقد العلماء الاجلاء والحوزات العلمية والمجمعات الدينية وزار مراقد الاولياء والصالحين حتى وصل الى محاذاة الشريط الحدودي الفاصل بين لبنان وفلسطين المحتلة، هناك على بعد امتار قليلة من دوريات العدو الاسرائيلي التي تحركت مع مرور الموكب، لم يعر حجة الاسلام اهتماما لدورياتهم بل اعطى كل اهتمامه الى شرح مفصل لخريطة المنطقة واسماء المستعمرات الصهيونية، نظر الى بعيد وامعن النظر الى هناك الى حيث أولى القبلتين الى حيث المسجد الأقصى باتجاه فلسطين المحتلة.

وكان للشباب نصيب من لقاءاته استمع الى همومهم وتحدث بأفكارهم، حدثهم عن كرة القدم ليقول لهم يجب المثابرة والمتابعة والجد والجهد وعدم الارتجال فالشباب الغربي ليسوا اكثر ذكاء وامكانيات من الشباب العربي، محفزا اياهم على تحمل المسؤوليات لانهم حاضر الامة ومستقبلها.

اذا في زمن تعيش فيه المنطقة العربية التشظي والاقتتال وتفوح رائحة الدم من الشوارع العربية والاسلامية وفي وقت يعزف البعض على وتر الفتنة السنية الشيعية، جاء الى لبنان وكيل من قال:"السنة أنفسكم" ليترجم هذا قولا وفعلا ويثبت من جديد ان المرجعية الدينية العليا المتمثلة بالسيد السيستاني هي الصوت الذي يخترق النشاذ هي صوت العقل وصوت الدين والاعتدال في عالم تقطعت فيه اوصال الحوار وسادت لغة الحرب والفتن والدمار ليكون لبنان صدى لصوت المرجعية ورسائلها باتجاه العالم.

أسبوع ماراتوني هي المدة الزمنية للزيارة المرجعية لحجة الاسلام الشهرستاني لم يكل ولم يمل عمل بصمت زرع ببركة المرجعية العليا والقطاف آت سنابل خير وسلام للامة الاسلامية في زمن ربيع لم يثمر الا قتلا ودمار.

يذكر ان هذه الزيارة التي كانت مقررة في وقت سابق واجلت لاسباب امنية ليست الاولى التي يقوم بها السيد الشهرستاني الى لبنان ففي العام 2008 افتتح صرحا ثقافيا ودينيا جامعا هو "مجمع الامام الصادق الثقافي" في بيروت وساهمت زيارته في ذلك الوقت بترطيب الاجواء المشحونة بين اللبنانيين حيث جمع "مجمع الامام الصادق الثقافي" معظم السياسيين فتصافحوا وتبادلوا القبلات وكان الأبرز في هذا المجال تبادل القبل بين النائبين محمد رعد ووليد جنبلاط حيث كانت المرة الاولى التي يزور فيها جنبلاط الضاحية الجنوبية منذ حرب تموز 2006.