أكد الكاتب والمحلل السياسي ​جوزيف أبو فاضل​ أنّ المستهدَف الأول من التفجيرات الإرهابية التي وقعت في بلدة القاع البقاعية هو أولاً لبنان والأمن والاستقرار في لبنان، وكذلك الثلاثية الذهبية المتمثلة بالجيش والشعب والمقاومة الذين رفعوا رأس المقاومة، كما أنّ هناك في نفس الوقت استهدافاً واضحاً لبلدة القاع المسيحية من قبل داعش.

وفي حديث إلى تلفزيون "روسيا اليوم" ضمن برنامج "اسأل أكثر" أداره الإعلامي محمد مدين، لفت إلى أنّ 8 انتحاريين خرجوا من مشاريع القاع ودخلوا إلى بلدة القاع الملاصقة لمشاريع القاع، فيما جرود عرسال فالتة وعرسال كبلدة أيضاً أمنية فالتة وجرود رأس بعلبك فالتة، مستهجناً كيف أنّ هذه المنطقة ممنوع أن يقترب أحد صوبها لاعتبارات طائفية ومذهبية، في حين أنّ ذبح الناس في القاع وفي الضاحية وفي بعلبك وفي طرابلس وفي صيدا وغيرها أمر مسموح، وقال: "نحن نتكلم عن القاع كما نتكلم عن كل لبنان".

وشدّد أبو فاضل على أنّ داعش يتمدّد من الداخل السوري وبتسهيلات من فرقاء لبنانيين عملاء لداعش، على حدّ وصفه، موضحاً أنّ داعش لا يستطيع أن يتحرّك في لبنان إلا ضمن بيئة حاضنة، لافتاً إلى أنّ هذه البلدات التي ذكرها هي بيئة حاضنة لداعش وجبهة النصرة، وقد أثبتت الأيام أنّ هذا القول صحيح مئة بالمئة.

التدخل في سوريا محوري

ورداً على سؤال، أشار أبو فاضل إلى أنّه في العام 2006 عندما جاء العدوان الإسرائيلي على لبنان كان قسم من اللبنانيين يتفرّجون على المقاومة وكانوا على البحر ويلعبون طاولة الزهر وهم يشمتون بجماعة المقاومة الذين دافعوا عن لبنان، واليوم نفس الأمر يتكرر، مشدّداً على أنّ حزب الله والمقاومة لن ينتظرا كي يأتي داعش إلى قلب بعلبك وقلب الضاحية وقلب بيروت لكي يدافعوا عن أنفسهم.

ولفت أبو فاضل إلى المعادلة التي أطلقها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله "حيث يجب أن نكون سنكون"، مشيراً إلى أنّه يقاتل التكفيريين من جهة ويقاتل إسرائيل من جهة ثانية، مشدّداً على أنّه إذا ذهب يقاتل التكفيريين فهو يدافع عن جميع اللبنانيين دون استثناء، وقال: "لدينا ملء الثقة أنّ القوى العظمى الداعمة للدولة السورية والدولة السورية ربما كدولة تكون بحاجة لحزب الله، وحزب الله قدّم الكثير من الشهداء في سوريا، ولكن التدخل في سوريا هو تدخل محوري وتدخل يدخل من ضمن النزاع الإقليمي الحاصل في المنطقة، وربما النزاع الدولي".

أين السنّة المعتدلون؟

ورفض أبو فاضل الاستخفاف بالتدخل بسوريا في هذا الموضوع بهذا الشكل، موضحاً أنّ حزب الله ذهب إلى سوريا لأنه يوجد داعش وجبهة نصرة فوق بعلبك واللبوة والنبي شيت وفوق كل المدن، وقد سقط شهداء لحزب الله مع داعش وجبهة النصرة أكثر ممّا سقط له مع العدو الإسرائيلي.

ونفى أبو فاضل أن تكون بلدة القاع محكومة من حزب الله ويوجد فيها الجيش اللبناني، مشدّداً على أنّه لا يوجد في القاع لا حزب الله ولا الجيش اللبناني، ولكن هناك وجود رمزي للجيش اللبناني في جرود القاع، مشيراً إلى أنّ هذه المنطقة مفتوحة على الداخل السوري، والمسلحون الموجودون هم حاضنة للإرهاب.

واستغرب أبو فاضل كيف يطالب البعض بقوى سنية معتدلة، متسائلاً: "هل السعودية دولة سنية معتدلة؟ هل قطر دولة سنية معتدلة؟ هل قطر دولة سنية معتدلة؟ من أين سيأتي هؤلاء بالسنّة المعتدلين؟ هل يقصدون الرئيس سعد الحريري؟"

استجداء الخارج مرفوض

وذكّر أبو فاضل بأنّه نادى بحمل المسيحيين للسلاح منذ أربع سنوات في إطلالاته الإعلامية، باعتبار أننا أمام حرب طويلة، وسأل: "عن أي سنية معتدلة يتكلم؟" وقال: "هناك أشخاص معنويون ومؤسسات وأحزاب لا يستطيعون أن يقفوا بوجه داعش، فداعش من يقف بوجهها يجب أن يكونوا مثل أبطال المقاومة وأبطال المغاوير في الجيش وأبطال المجوقل والنخبة الموجودة في قوى الأمن الداخلي والأمن العام وأمن الدولة". وأضاف: "هذا المطلوب، أما أن نذهب فوراً إلى الخارج ونستجدي تدخّلاً خارجياً لمقاتلة داعش، فهذا لا يجوز".

ورداً على سؤال، أشار أبو فاضل إلى أنّ هناك داعشيين في لبنان من كلّ الطوائف أكثر من داعش والنصرة حتى، وسأل: "بلدة عرسال ألم تكن بيئة حاضنة طوال أربع سنوات؟ ألم يخطف 40 ويُقتَل 20 ضابطاً وجندياً في غضون نصف ساعة فيها؟" وتابع: "لماذا تكون هذه المناطق بيئة حاضنة للإرهاب؟ من الذي فتح لها كلّ هذه الطرقات؟ من الذي ضغط على الجيش كي لا يتدخل في عرسال، علماً أنّ حزب الله حريص على أن لا يتدخل في عرسال كي لا تحصل مشكلة سنية شيعية؟ لكن أين هي القوى المعتدلة؟ هل الوزير أشرف ريفي هو معتدل؟"

هل نضع رأسنا كالنعامة؟

وأكد أبو فاضل، من جهة ثانية، أنّ حزب الله هو حزب إقليمي وليس لبنانياً فقط، مشيراً إلى أنّ عملية إخراجه من سوريا ليست عملية سهلة، متحدّثاً عن ارتباط عضوي لأكثرية السنّة في لبنان إلى السعودية وارتباط عضوي في المقابل من حزب الله بإيران، مشدّداً على أنّ من يطلب انسحاب الحزب من سوريا يعرف أنّه يطلب المستحيل وأنّ هذا الطلب لا يمكن أن يستجاب.

ورداً على سؤال، لفت أبو فاضل إلى أنّ في لبنان مفاوضات ولقاءات وحوارات تجري بين تيار المستقبل وحزب الله برعاية رئيس مجلس النواب نبيه بري، مشيراً إلى أنّ هذه المفاوضات تفيد أكثر ممّا تضرّ.

وإذ أشار أبو فاضل إلى أنّ المنطقة مقبلة على مشاكل، تساءل عمّا إذا كان البعض يريد أن يضع رأسه كالنعامة.

مسؤولية "14 آذار"

وأكد أبو فاضل أنّ منظر الجيش في القاع يكبّر له قلبه، مذكّراً بأنّ المملكة العربية السعودية، التي وصفها بالشقيقة، وعدت لبنان بأربع مليارات دولار لدعم الجيش والقوى الأمنية، لكنّها أوقفت الهبة في لحظة، لأسبابها الخاصة، لأنها تعتبر أنّ دعم الجيش قد لا يحقق لها أحلامها.

ورداً على سؤال، أشار أبو فاضل إلى أنّ لبنان بلد طائفي، وهناك مسؤولية على قوى 14 آذار من نواب وشخصيات التي ذهبت إلى عرسال لتبحث عن القاعدة ولم ترَ منذ أربع سنوات أنه يوجد قاعدة في عرسال، وقد سكتوا جميعاً من حكومة الرئيس نجيب ميقاتي وتيار المستقبل بدعم من المملكة العربية السعودية ومن تركيا ومن أردوغان إلى أن وصلنا إلى هذا الأمر، وقال: "لو استؤصِل هذا الورم من يومها، لما وصلنا إلى هنا، لكنّ الشريك الآخر في الوطن يريد أن يتحجّج دائماً بحزب الله وحزب الله وحزب الله"، وأضاف: "هناك تحالف شيعي طويل عريض مؤلف من جمهور حزب الله وجمهور أمل، وهذا التحالف يمثل 90 بالمئة من الطائفة الشيعية".