بعد تخلي السعودية عن دعم النهج الحريري الأحادي في الشارع السُّني إلى حد كبير، وانفتاحها على غالبية القوى السُّنية في لبنان، وفي ضوء التصعيد الذي تمارسه المملكة في وجه سورية وإيران في المنطقة، من خلال دعم المجموعات التكفيرية المسلحة في الجارة الأقرب والعراق، وبعد تراجع شعبية "تيار المستقبل"، والذي ظهر جلياً في الانتخابات المحلية الأخيرة، وعجزه عن مواكبة التصعيد المذكور سياسياً وأمنياً، وفي ظل صراع الأجنحة في الأسرة الملكية السعودية، بات لدى بعضها حاجة لإطلاق حالة في الشارع السُّني، تجاهر بعدائها للجمهورية الإسلامية وحزب الله، وترفض كل أشكال الحوار مع الأخير، وتعود إلى رفع الشعارت الحريرية في حقبة 2005، حسب ما تكشف مصادر إسلامية واسعة الاطلاع.

وبما أن منطقة الشمال تشكّل مركز الثقل الإسلامي السُّني في لبنان، تسعى بعض القوى الإقليمية، خصوصاً تركيا والسعودية إلى تحويل بعض المناطق الشمالية، كطرابلس وعكار والمنية - الضنية، إلى امتداد لهذه القوى، وقاعدة نفوذ، وغرفة عمليات، للإسهام في إدارة حروبهما في المنطقة، برأي المصادر، وما يؤكد ذلك، الدعم التركي للوزير أشرف ريف، والذي كشفه الرئيس نجيب ميقاتي في حديث صحفي عقب الانتخابات البلدية، عندما قال: "لقد أوعزت أنقرة للجماعة الإسلامية بدعم ريفي".

ومن أجل أهداف القوى المذكورة أعلاه، يبدو أن هذه القوى ستقدّم مزيداً من الدعم لوزير العدل المستقيل، والنائب ​خالد الضاهر​ في عكار، الذي شن هجوماً إعلامياً على الرئيس سعد الحريري مؤخراً، ويجري البحث عن شخص آخر في المنية - الضنية، وقد يتم اختيار المحامي "ع.غ" المنشق عن "التيار الأزرق"، لتعزيز حضور "حال ريفي" في المثلث السُّني "طرابلس وعكار والمنية - الضنية"، حسب معلومات المصادر، التي ترى أن الاختيار وقع على ريفي وضاهر، أولاً لخبرتهما الأمنية ودورهما في دعم المجموعات المسلحة في سورية، وإدارتهما لجولات الاقتتال بين الطرابلسيين في باب التبانة وجبل محسن، وثانياً لتمسُّكهما بالنهج المعادي للمقاومة وإيران وسورية، وفي حال نجحت القوى الإقليمية في تحقيق هدفها المذكور، فتكون قد أسهمت في تحجيم دور الحريري سياسياً، بعدما حجّمته مالياً، خصوصاً بعد الأزمة المالية التي تعاني منها شركة "سعودي أوجيه"، وما يؤكد استشعار الحريري بالخطر على زعامته، جولاته على المناطق السُّنية التي ينظّم فيها الإفطارات الرمضانية، ليكون على تماس مع قاعدته الشعبية، علّه يستنهضها، ويوقف تمدد حالة "ريفي - الضاهر" فيها.

بالتوازي مع هذه الحالة، تشهد عاصمة الشمال أيضاً تنامي حالة شعبية أخرى مؤيدة لأحد موظفين الفئة الأولى الطامحين بالوصول إلى قصر بعبدا، بدعم من الإدارات التابعة له، لتعزيز حضوره في طرابلس، علّ ذلك أن يسهم في ترجيح فرص وصوله، خصوصاًإذا اتجهت الرياح الإقليمية إلى اختيار رئيس تسووي.