يجدر باللبنانيين أن لا يطمئنوا كثيرًا ويناموا على حرير التطمينات والوعود باجراء الانتخابات النيابية في موعدها المحدد في أيار 2017 بعد تأجيلها مرتين متتاليتين والسعي لاقرار قانون جديد للانتخابات. فالأجواء الجديدة التي بدأت تسري في الأروقة الداخلية توحي باستعدادات لتمديد ثالث للمجلس النيابي لا يزال التداول به ساريًا بانتظار تبلور المخرج والحجة التي ستستخدم لتمريره بأقلّ الأضرار الممكنة خاصة بعد اتمام ​الانتخابات البلدية​ دون تسجيل ضربة كف تُذكر، الا في البيت العوني.

فلا أحد خائف من ثورة شعبية تطيح به وبباقي رموز الطبقة السياسية، أو متمسك بخوض غمار المعركة النيابية بعد كل المفاجآت التي أفرزها الاستحقاق البلدي. وطالما الأكثرية الساحقة من اللبنانيين راضخة لفكرة تواجدها في القعر الذي تتخبط فيه من دون بذل أي جهد يُذكر للخروج منه، لا يبدو أن من مدّد لفسه مرة واثنتين سيخجل بتمديد ولايته مرة بعد!

وبحسب أحد الأقطاب المسيحيين، فان المعطيات المتوافرة توحي باستمرار الستاتيكو القائم على كل المستويات، رئاسيا ووزاريا ونيابيا، حتى تبلور ملامح "سوريا الجديدة"، مشددا على أن اللاعبين الاقليميين وأبرزهم ايران لن تقبل باحداث تغيرات في الداخل اللبناني غير محسوبة النتائج طالما الوضع الحالي لمصلحتها تماما.

ولا تقتصر الترجيحات بالسير بتمديد ثالث على القطب المسيحي المذكور، اذ يتوقع أحد نواب تيار "المستقبل"، وهو عضو فاعل في اللجان التي تبحث بقانون جديد للانتخاب أن يتم في الأشهر المقبلة التوصل لصيغة معينة تتيح خروج أحدهم للحديث علنا عن تمديد ثالث. اذ يؤكد هذا النائب أنّهم لم يتقدموا ولو خطوة واحدة الى الامام بالنقاش الحاصل حول ​قانون الانتخاب​، مشيرا الى انّهم لا يزالون في المربع الأول، "وكل حديث آخر ليس الا مجرد محاولة للاستهزاء بالرأي العام الذي لا ينفك يتساءل عن جدوى الاجتماعات المتتالية للجان من دون الاعلان عن أي نتيجة تُذكر". ويضيف المصدر: "على كل حال وبغض النظر عن الفشل المتمادي في ملف قانون الانتخاب، فان ما يحتّم تأجيل الانتخابات النيابية مرة ثالثة ليس القانون الذي ستجري على أساسه، بل امكانية حلول موعدها في أيار المقبل من دون أن نكون قد انتخبنا بعد رئيسا جديدا للبلاد"، لافتا الى ان السير بانتخابات نيابية قبل تلك الرئاسية "شبه مستحيل نظرا لكم التعقيدات الدستورية التي سيخلقها ترتيب مماثل للاستحقاقات". وتساءل: "من سيجري الاستشارات النيابية لتكليف رئيس للحكومة ومن يحسم بقدرة مجلس النواب الجديد أصلا على الاتفاق على رئيس لهذا المجلس... أضف الى كل ذلك حجم التحديات التي سنكون مضطرين للتعامل معها في ما يتعلق بغياب حكومة فاعلة وبالتالي فقدان ثقة الدول المانحة تماما بالدولة اللبنانية ومؤسساتها وما سيترتب عنه من تداعيات اقتصادية هائلة".

وتستغرب مصادر مواكبة الحديث عن استحالة ايجاد مبرر يُقنع اللبنانيين بوجوب السير ب​التمديد​ بعد كل التعهدات باجراء الانتخابات هذه المرة بموعدها، وتسأل: "الن يكون تكرار سيناريو القاع في منطقة ما في الداخل اللبناني قبل شهرين أو 3 على موعد الانتخابات كفيلاً بتأجيلها؟" وتضيف: "لقد بلغت وقاحة هذه الطبقة مستويات غير مسبوقة، فلا خطوط حمر تحد من ارتكاباتها وللأسف لا من يسائلها، وهنا تكمن الخطورة".

بالمحصلة، قد يكون التعويل على انتخاب رئيس جديد للبلاد قبل الربيع المقبل ضروريًا أكثر من أي وقت مضى، باعتبار أن الاستمرار بشغور سدّة الرئاسة سيعني تلقائيًا تمديدًا جديدًا لمجلس النواب مع كل ما سيترتب عن ذلك من تداعيات، الأرجح لن تكون محسوبة أو متوقعة تبدأ بحراك مدني واسع نعلم على الأرجح اين وكيف سيبدأ لكننا لا شك لن نعرف كيف سينتهي!