لن تختلف جلسة إنتخاب رئيس الجمهورية التي تمت الدعوة إليها في الثامن والعشرين من أيلول عن سابقاتها، ففي المشهد السياسي لم يتغيّر الكثير ولو خُرق بعودة رئيس الحكومة السابق ​سعد الحريري​ الى بيروت في وقت بدأت التسريبات عن أنه قد يسير برئيس تكتل "التغيير والاصلاح" العماد ميشال عون رئيساً... ولكن لم تعد العقده هنا فقط، فرئيس مجلس النواب نبيه بري أعلنها صراحةً أنه لن يسير به الا ضمن سلّة كاملة ورئيس اللقاء الديمقراطي النائب ​وليد جنبلاط​ ينتظر كلمة السرّ من بري ليعلن موقفه. وفي ظلّ هذه المراوحة طفح كيل عون الذي رددها مراراً، فما بعد الثامن والعشرين من أيلول ليس كما قبله!

الحريري بموقف جديد؟!

برأي المحلل السياسي ​جوني منير​، "هناك حلحلة في الافق ولكن من المبكر التحدث عن حلول نهائية حتى لو أن الحريري بات على قاب قوسين من تبني ترشيح عون للرئاسة". إلا أنّ منيّر يحرص على القول أنّ هذا الأمر لا يعني أنّ القضية انتهت هنا، فهناك عقبات كثيرة لا تزال بحاجة لتذليلها، أهمّها موقف الشارع السني ورئيس كتلة "المستقبل" فؤاد السنيورة ومعه بعض نواب المستقبل الرافضين لتأييد عون، وكذلك بري الذي يفضل وصول رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية الى الرئاسة، "ولا يمكن أن ننسى جنبلاط الذي يقف وراء بري وقد أرسل الأخير وزير الصحة وائل أبو فاعور الى السعودية للتأكّد من موقفها من الرئاسة".

بدوره، يشير المحلل السياسي ​طوني عيسى​ الى أن "بعض نواب "المستقبل" يتحدثون سراً عن أن الحريري وافق على المضي في ترشيح عون للرئاسة فيما البعض الآخر ينفي هذه المسألة بشكل قاطع"، ومعتبراً في نفس الوقت أنه "وبعودة الحريري الى بيروت لم يعد مسموحاً الكلام عن التسريبات، فعلى الأخير أن يعلن موقفه صراحة".

"حزب الله" لا يمون؟!

قد تصل إشارات إيجابية الى الرابية من الحريري ولكن حتى لو تبنى الأخير ترشيح عون فلن يكون الرئيس العتيد إذا بقي بري وجنبلاط على موقفهما الرافض، هنا يبقى المشهد مبهماً، فبعد أن كان الحريري هو العقبة الأساسية جاءت لتظهر عقبات أخرى من داخل البيت الواحد ليبقى السؤال عن دور "حزب الله" الذي يؤكد بإستمرار أنه مع عون حتى النهاية. هنا يشير منيّر الى أن "حزب الله" يؤكد بأنه لا يستطيع أن يمون على بري في هذا الشأن ولا يمكنه الضغط عليه للسير بعون، "إذ لا أحد منهما يمون على الآخر فلكل منهما حساباته الشخصية". في المقابل، يرى عيسى عبر "النشرة" أنه "وحتى الساعة "حزب الله" ليس مؤيدا لبلوغ عون سدة الرئاسة وكل تصريحاته تأتي من باب المناورة"، مشيرا الى أنه "لو أراد "حزب الله" ايصال عون لكان من الصعب على بري أن يرفض ذلك ولكان أيضاً من الصعب على فرنجية أن يترشّح".

"فرملة" التحركات...

تبقى السيناريوهات عن الأيام المقبلة قابلة للتغيير في ظلّ تحضير "التيار الوطني الحر" لقواعده للتصعيد الشعبي، وهنا يرى منير بأن "الاشارات الايجابية التي وصلت من الحريري الى الرابية قد تؤدي الى نوع من "فرملة" للتصعيد المرتقب في الايام المقبلة، إذ لن يلجأ عون الى تنفيذ ما كان وعد به ويحضر له سواء من تحضير لاعتصامات ونصب خيم واقفال طرقات..."، معتبراً أن "تخفيض السقف الذي سيعتمده عون قد يكون نوعاً من إعطاء الفرصة للحريري ليسوّق رأيه في الشارع السني ولدى نواب المستقبل".

في المحصلة لن يكون هناك إنتخابات رئاسة جمهورية في جلسة الثامن والعشرين من أيلول، ليبقى السؤال: "هل فعلاً وافق الحريري على تبني ترشيح عون وهل ستذلل العقبات أمام الأخير في الأيام المقبلة ليصل الى قصر بعبدا، أم أن كلّ الكلام الذي يسود الأوساط السياسية هو مجرد محاولة لاستيعاب عون ولتنفيس "التصعيد" الذي وعد به؟!