يوحي الشرح المستفيض الذي قدّمه أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله بما يتعلق بالشأن الحكومي خلال اطلالته الأخيرة مساء الجمعة، أن عملية التشكيل ليست متعثرة للحد الذي حاول البعض الترويج له، لا بل هي باتت قاب قوسين أو أدنى من بلوغ نهايتها السعيدة، وهو ما تحدث عنه أيضا رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري بعد لقائه رئيس المجلس النيابي نبيه بري.

وان كانت الأمور لا تزال تشهد نوعا من شد الحبال المتوقع نظرا لانسحاب الأجواء المتشنجة التي رافقت عملية انتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية على انطلاقة العهد الجديد، يجد العونيون أنفسهم غير معنيين تماما بتناتش الحقائب الحاصل بقدر ما يصوّبون بوصلة معركتهم الحكومية باتجاه ارضاء حليفهم حزب "القوات اللبنانية"، وهم لا يتردّدون بالاعلان صراحة نيتهم اعطائه من جيبهم لرد جميله الرئاسي الذي يشبه الجميل الذي رده حزب الله أخيرا للعماد عون في الاستحقاق الرئاسي الأخير. وفي هذا السياق تقول مصادر قيادية في التيار الوطني الحر: "نحن اليوم نتحدث عن حكومة لا تلبي طموحاتهنا... لا بل أكثر من ذلك، عن حكومة لا نحبّذ اطلاقا تسميتها حكومة العهد الأولى"، مشددة على انّها "أشبه ما يكون بحكومة انتقالية ذات مهمة محددة على أن تكون الحكومة التي تُشكل بعد الانتخابات النيابية الصيف المقبل هي الحكومة الأولى لعهد الرئيس عون".

وتؤكد المصادر ان ما نشهده من "تناتش ونكد في عملية التأليف الحالية لا يمكن أن ينسحب على عملية تشكيل حكومة العهد الاولى التي من الأرجح ألاّ تكون حكومة وحدة وطنية بل حكومة من الأقوياء هدفها الُحكم الصحيح وتحقيق الانجازات. فالعهد ينجح أو يفشل اذا ما نجحت حكومته الاولى أو فشلت".

أما معركة العونيين الحالية، فتبقى قانون الانتخاب والدفع لاجراء الانتخابات النيابية في موعدها، خصوصًا أن الموقف الأخير الذي أطلقه وزير الداخلية نهاد المشنوق وقال فيه ان وزارته لن تكون قادرة على اجراء الانتخابات النيابية في الموعد المحدد وفق قانون جديد، ترك أثره في القصر الجمهوري الذي تلقّفه بسلبية لاقتناع الرئيس عون أن الوقت لا يزال سانحا تماما للتفاهم على قانون جديد، يُرجح أن يكون المختلط، ولاستعداد وزارة الداخلية لاجراء الانتخابات على أساسه.

وبحسب مصادر عونية، فان تحركا سيبدأ في الساعات أو الايام القليلة المقبلة لترسيخ مبدأ فصل عملية تشكيل الحكومة عن المسار الواجب أن تسلكه المفاوضات التي ستبحث قانون الانتخاب، وهو طرحٌ أيّده السيد نصرالله في اطلالته الأخيرة لا سيّما وأن لا عائق دستوي يحول دون ذلك. وتقول المصادر: "ما نخشاه هو وجود نوايا مبطّنة لدى بعض الفرقاء للدفع باتجاه اجراء الانتخابات المقبلة وفق قانون الستين بحكم الأمر الواقع، اما من خلال المراوغة بعملية تشكيل الحكومة او ابتداع اشكاليات مقبلة سنكون لها بالمرصاد لأنّه بالنسبة لنا لا صوت يعلو فوق صوت معركة قانون الانتخاب".

وبانتظار انتهاء مهلة "الدلع الحكومي" التي يجزم المعنيون أنّها لن تتخطى نهاية الأسبوع المقبل وانطلاق نقاشات تشكيل البيان الوزاري، سيسعى التيار الوطني الحر والرئيس عون لاستباق كل ذلك بجلسة أو أكثر تبحث جديا مشاريع القوانين المطروحة على الطاولة بمحاولة أولى لانتقاء الأكثر حظوظا وصولا لاعتماد أحدها قبل شهر شباط المقبل.