إنطلاقاً من المؤتمر القومي الرابع عشر لحزب "البعث العربي الإشتراكي"، الذي عقد في العاصمة السورية دمشق يوم الأحد في 14 الشهر الجاري، عادت أزمة حزب "البعث" في لبنان إلى الواجهة من جديد، من خلال التنافس بين الجناحين الذي يدّعي كل منهما الشرعية.

في ذلك المؤتمر، حصل تعديل جوهري على الإطار التنظيمي لـ"البعث"، من خلال الإتفاق على تطبيق "مبدأ القيادة الجماعية للتنظيمات القومية بما يضمن التشاور الحرّ والديمقراطي بين قيادات هذه التنظيمات"، على أن تلتقي القيادة الجماعية في إطار "مجلس قومي بديل لصيغة القيادة القومية"، وهو من المفترض أن يجتمع "دورياَ ويتشكل من جميع مندوبي التنظيمات في الأقطار العربية"، مع الإتفاق على أن يكون هذا المجلس "ذو صيغة تشاورية يقوم على مبدأ توافق الآراء أو الإجماع حيث لا تتخذ التوجهات إلا بعد مناقشتها ديمقراطياً وقبول الجميع بها".

بالإضافة إلى ذلك، توصل المجتمعون إلى أنه "لكي تكون القيادة جماعية لا بد أن تكون هذه التنظيمات مستقلة في اختيار قياداتها وأنظمتها الداخلية وأسمائها وفق ظروف ساحة نشاطها"، الأمر الذي دفع أحد قياديي "البعث" في لبنان، من الجناح الذي يقوده النائب عاصم قانصو، إلى القول: "سقطت قيادة السفير السوري في لبنان ​علي عبد الكريم علي​ والأمين القطري المساعد لـ"البعث" في دمشق هلال هلال لأن القاعدة الحزبية لا تؤيدها"، بالرغم من أن الحزب لم يتأخر، بعد عودة قانصو من دمشق، بالإعلان عن لقاء عقده مع هلال وأعضاء القيادة القطرية السورية، موجهاً نداء لكافة الرفاق في المسؤوليات الحزبية لتوحيد الجهود ولم الشمل.

على هذا الصعيد، تكشف مصادر مطلعة، عبر "النشرة"، أن قانصو لم يكن مشاركاً في المؤتمر بصفته أميناً قطرياً لحزب "البعث" في لبنان، بل على العكس من ذلك كان هناك وفد آخر بقيادة الأمين القطري نعمان شلق إلتقى الرئيس السوري ​بشار الأسد​، وتشير إلى أن مشاركة النائب في البرلمان اللبناني كانت بصفته عضواً في القيادة القومية التي قدمت إستقالتها، وبالتالي لا يمكن تحميل الأمر أكثر مما يحتمل، خصوصاً أن الإعتراف الرسمي لا يزال بالقيادة القطرية التي يمثلها شلق، إلا أن قانصو على ما يبدو يريد تكرار نغمة تكليفه، من قبل الأسد، بالدعوة إلى عقد مؤتمر لتوحيد الحزب، التي تبين أن لا أساس لها من الصحة.

وتوضح هذه المصادر أن قانصو في الوقت الراهن لم يعد يحمل أي صفة تنظيمية، وتلفت إلى أنه يدرك هذا الأمر جيداً لكن هناك مجموعة من المحيطين به لا تزال تحرضه، لكنها تجزم بأن هذا لا يعني أن القيادة الأخرى بقيادة شلق عادت الى الحياة من جديد، لأنها أبلغت بضرورة الذهاب إلى عقد مؤتمر قطري في وقت قصير، وتضيف: "في حال لم تقدم على هذه الخطوة سيكون هناك تحركاً للمنضوين تحت شرعيتها لفرض هذا الأمر".

في هذا السياق، يؤكد عضو القيادة القطرية برئاسة قانصو المحامي توفيق الضيقة، في حديث لـ"النشرة"، أن القيادة القومية كانت هي الرابط التنظيمي بين كل قيادات الحزب القطرية، ويلفت إلى أن التطور الجديد هو من خلال الإعلان عن إنشاء المجلس القومي، ويضيف: "تم وضع قواعد عامة تنظيمية لهذا المجلس وهي قابلة للتعديل، وفي الإجتماع المقبل من المفترض أن تقدم مقترحات".

بالنسبة إلى الأزمة القائمة في لبنان، يوضح الضيقة أن الفريق الذي يقوده شلق كان يتوقع أن يعمد قانصو إلى حل القيادة القطرية بعد عودته إلى لبنان، إلا أنه يشدد على أن هذا الأمر لم ولن يحصل، ويؤكد أن هذا الموضوع لم يطرح مع الأمين القطري خلال تواجده في دمشق، ويعتبر أن الشرعية هي في القيادة التي يرأسها قانصو، ويضيف: "نحن في كل مرة نؤكد أننا مع الرئيس الأسد وسوريا حتى النهاية لكن القاعدة الحزبية والشرعية معنا وشلق تم تعيينه في مكتب هلال، بحضور السفير السوري، بديلا عن سهيل القصار من دون عقد مؤتمر قطري وبطريقة غير شرعية، والقصار أقام دعوى قضائية ضدهم في بيروت بسبب ذلك".

في الجهة المقابلة، يوضح شلق، في حديث لـ"النشرة"، أن موضوع العلاقة مع قانصو ليس مجالا للمبارزة في الإعلام لا سيما أن له تاريخ كبير في الحزب، ويؤكد أن ليس في وارد حتى الرد عليه عبر وسائل الإعلام، ويشير إلى أن ما حصل في دمشق هو طي لصفحة كان فيها الكثير من الأمور الإيجابية وبعض الشوائب، من خلال إنتهاء دور القيادة القومية.

ويشدد شلق على أن الهم الأساسي لقيادته في لبنان هو وحدة الحزب وإيجاد الفرص لعودة كل الحزبيين، لكنه ينفي الطلب منه في دمشق الدعوة إلى مؤتمر قطري في وقت قريب، ويلفت إلى أن هذا الأمر يأتي من خلال حركة الحزب، ويشير إلى أنه كان يمثل في دمشق القيادة الشرعية، وهو من أعضاء المجلس القومي الجديد.