يبدو أن المواجهة المباشرة التي تجنبها النظام السوري و"​قوات سوريا الديمقراطية​" ذات الغالبية الكردية طوال السنوات الماضية، قد تقع قريبا في محافظة ​دير الزور​ حيث يشن الطرفان حملتين عسكريتين ضد تنظيم "داعش". فإعلان "قسد" السبت رسميا تعرضها لهجوم من جانب الطيران الروسي وقوات النظام عند الضفة الشرقيّة ل​نهر الفرات​ مقابل مدينة دير الزور، وتزامن هذا الاعلان مع سلسلة مواقف أطلقتها ​بثينة شعبان​ مستشارة الرئيس السوري بشار الأسد، أكدت فيها ان الحكومة السورية على استعداد لقتال "قسد"، اضافة لاستعداد قوات النظام للعبور الى الجهة الشرقية من الفرات، كلها مؤشرات على تصاعد حدة الخلاف بين الطرفين (قسد والنظام) والذي قد ينفجر في ايّ لحظة.

وان كانت ​موسكو​ سارعت لنفي استهدافها منطقة عمليات ​التحالف الدولي​ شرق نهر الفرات، الا ان موقفي القطبين الداعمين لقوات سوريا الديمقراطية وقوات النظام (​واشنطن​ وموسكو) لا يزالان غير واضحين تماما من التطورات الأخيرة، خاصة وأنّه مع انطلاق المعارك في دير الزور تصاعد الحديث عن اتفاق اميركي روسي-اميركي غير معلن على اخضاع المنطقة غرب نهر الفرات للنفوذ الروسي بمقابل سيطرة القوات الحليفة للولايات المتحدة الأميركية على المناطق شرقي النهر. ويبدو ان الصراع الحالي غير المعلن بين الطرفين والذي قد يتخذ منحى جديدا في الفترة المقبلة من خلال اندلاع مواجهات مباشرة بين وكيليهما (النظام وقسد)، يتركز حول الاستيلاء على معبر ​البوكمال​ الحدودي بين سوريا و​العراق​ والذي يتسابق اليه الفريقين نظرا لأهميته الاستراتيجية. وبحسب المعلومات قد تقدم واشنطن تنازلات في هذا المجال بمقابل تشدد روسي، خاصة وان الاميركيين يسيطرون على معبرين من أصل 3 مع العراق هما التنف واليعربية.

ويستبعد ​نواف خليل​، مدير المركز الكردي للدراسات ان تكون التفاهمات الأميركية-الروسية بخصوص سوريا قد اهتزت، مرجحا في حديث مع "النشرة" ان تكون قواعد الاشتباك بين الطرفين حتى الساعة غير مهددة. وفيما يضع القصف الذي طال "قسد" شرق الفرات باطار تنفيذ التهديدات التي أطلقتها بثينة شعبان، يعتبر خليل ان "الامور لن تخرج عن نطاق السيطرة، خاصة بعد ساعات من توقيع اتفاق جديد روسي-تركي–ايراني في آستانة".

وتتفق رؤية رئيس مركز "الشرق الأوسط والخليج للتحليل العسكري–انيجما" ​رياض قهوجي​ الى حد كبير مع رؤية خليل، اذ يتحدث عن اتفاق أميركي–روسي على تقاسم النفوذ في دير الزور بدا جليا في العمليتين العسكريتين الأخيرتين اللتين أطلقهما الطرفان بشكل شبه متزامن، لا زالا يلتزمان خلالهما بقواعد الاشتباك وبنهر الفرات كخط فاصل بينهما، بحيث تتركز عمليات "قسد" والاميركيين شرق هذا الخط فيما تتركز عمليات ​الجيش السوري​ وموسكو غربه. ويضع قهوجي في حديث لـ"النشرة" الخروقات للاتفاق وبالتحديد اتهام "قوات سوريا الديمقراطية" لروسيا باستهداف مواقعها، باطار سعي كل فريق لتحصيل مكاسب أكبر، وهذا أمر طبيعي ومنطقي جدا خلال الحروب.

وتتضاعف مخاوف "وحدات حماية الشعب" الكردية من تسوية أميركية–روسية تأتي على حسابها، خاصة وان أي موقف أميركي حاسم لم يصدر عن ​البيت الابيض​ بعيد عملية استهداف مواقع "قسد" شرق نهر الفرات. وتترقب هذه الوحدات بقلق اقتراب النظام من عبور النهر ما يعني اقتراب المواجهة بينهما أكثر من أي وقت مضى، وان كان لن يؤدي ذلك في

المرحلة الراهنة الى اندلاع الصراع الكبير المنتظر والحتمي بينهما بعد انتهاء عملياتهما ضد تنظيم "داعش".