طُوي ملف ​أحمد الأسير​، بانتظار الأحكام التي ستصدر بعد ساعات من الآن، وطُوي معها ملف معركة راح ضحيتها عدد من شهداء ​الجيش اللبناني​. لأكثر من ساعتين، استمرت المرافعات بحق الموقوفين في الملف والذي يصل عددهم إلى 17 اضافة إلى أحمد الأسير.

خارج ​المحكمة العسكرية​، لا يختلف الأمر عن داخلها. فتجمّع العشرات من أهالي الموقوفين مطالبين بإحكام العدالة وعدم محاكمة الموقوفين سياسياً. وفي حديث مع "​النشرة​"، أكد الأهالي أن "​حزب الله​ هو المسؤول عن كل ما حصل في عبرا، وحرية أبنائنا هي في يد حزب الله لأن هذه المحكمة لم تنظر الى الاخبارات التي قدمها موكلو الدفاع عن الأسير والتي تؤكد أن الحزب هو من أطلق الرصاصة الأولى"، مشددين على "اننا مستمرون في اعتصاماتنا".

انتشار ​القوى الأمنية​ من جيش وقوى أمن داخلي دليل على أن اليوم استثنائي في أروقة المحكمة العسكرية، وان الموقوف ليس عادياً: انه أحمد الأسير المتهم بقتل ضباط وعناصر الجيش اللبناني في عبرا في حزيران من العام 2013.

في الداخل، يقف الموقوفون الـ17 داخل القفص ينتظرون مصيرهم، بعد ثلاثين جلسة من الاستجوابات. وفي الخلف يجلس أحمد الأسير وحيداً، ومحاطاً بحلقة من عناصر الجيش اللبناني. يوزّع الأسير نظراته على الحاضرين بعينين حادتين، منتظراً بداية المرافعات.

محكمة صفوية

"أحمد الأسير الحسيني"، نادى رئيس المحكمة العسكرية العميد حسين عبد الله على إمام مسجد بلال بن رباح، وبحضور ممثل النيابة العامة القاضي ​هاني الحجار​، طالباً منه التقدم الى قوس المحكمة للبدء بجلسة المرافعات. فتقدّم "الشيخ" موجها نظرة "السلام" إلى الموقوفين داخل القفص. وتقدّم معه المحامي العسكري الرائد ​ايلي ابو جودة​ الذي عيّنته هيئة المحكمة بعد اعتكاف محامي الأسير (​محمد صبلوح​، انطوان نعمة و عبد البديع العاكوم) عن الحضور الى الجلسات.

"أنت لا تمثلني"، فاجأ الأسير جميع الحضور بهذه الكلمات التي وجهها إلى المحامي العسكري، قبل أن يبدأ أبو جودة بالكلام حتى، وأضاف "انا لا اعترف بك ولا بالمحكمة التي عيّنتك لأنها أصبع بيد النظام الايراني الصفوي. "أشرفلك ما تحكي باسمي". فقاطعه العميد عبد الله "هل تهدد الرائد"؟، فأجابه الأسير "لا أهدد ولكنه وكيلي ومن حقي أن أنصحه، أنا فقط أسديت له النصيحة"، فقال رئيس المحكمة "لا تتكلم بعد الآن الا اذا أعطيتك الإذن".

فبدأ الرائد أبو جودة بالكلام وبالمرافعة قائلاً "لم يثبت بالتحقيقات والمعطيات أن المتهم أحمد الأسير قد قام باطلاق النار شخصيا على الجيش، وبالتالي نطالب بابطال التعقبات في المادة 549 عقوبات، ومنحه أوسع الأسباب التخفيفية والا الاكتفاء بمدة توقيفه". حينها أعطيت الكلمة الأخيرة للأسير، فقال "اؤكد أن كل ما يصدر عن المحكمة هو باطل وهي سياسية خاضعة للهيمنة الايرانية وحلفائها". وانتهت مرافعته وعاد الى كرسيه.

من ثم بدأت مرافعات باقي الموقوفين. واحداً تلو الآخر، تقدّم الموقوفون إلى قوس المحكمة. وكان اجماع من المحامين، بعد الدفاع عن المتهمين والتأكيد أنهم لم يشاركوا في قتال الجيش اللبناني، بـ"اعلان براءة الموكل وكف التعقبات بحقه من الجرائم المساقة بحقه لعدم توافر عناصرها واستطرادا اعلان براءته للشك واكثر استطراداً منحه اوسع الاسباب التخفيفية".

أما الموقوفون، فتوزّعت طلباتهم بين العدالة وبين البراءة وبين الرحمة و"الشي المنيح". كما طالب بعض الموقوفين بـ"ملاحقة عناصر حزب الله و​سرايا المقاومة​، الذين كانوا داخل شقق واطلقوا هم الطلقة الأولى على عناصر الجيش اللبناني وهم المسؤولون عن كل ما حدث".

فيما بعد تم نقل ​موقوفي عبرا​ الى سجني ​رومية​ وجزين على أن يتم تبليغهم الاحكام داخل سجونهم. وساعات إذاً تفصلنا عن صدور الأحكام، التي ستنصف ​شهداء الجيش اللبناني​. ساعات، ويبدأ فيها موكلو الدفاع، حسب مصادر "النشرة"، بتجهيز ملف التمييز في الحكم الذي سيصدر اليوم.