اعتبر رئيس ​المجلس العام الماروني​ الوزير السابق ​وديع الخازن​ ان التعديلات التي أُدخلت على قانون ​الضرائب​ بعد طعن ​المجلس الدستوري​ به، تدخل في صلب الإستجابة الضرورية والفورية، التي عبّر عنها رئيس ​مجلس الوزراء​ سعد الحريري من منطلق حرصه على إنقاذ ​لبنان​ من أزمة إئتمان خارجية، شرط الإلتزام بحدود لا تمس بقدرة المواطنين على تحمّل الأعباء الإقتصادية، مشددا على ان "هذا الحل يبقى منتقصا ما لم ينبرِ المسؤولون إلى معالجة مصادر الهدر في المرافق والفساد الضارب أطنابه والتي تنجو من الرقابة المشدّدة من خلال التلاعب بالواردات بعيدًا عن التقيّد بالنسب المُحتَسبة بشفافية".

وكشف الخازن في حديث لـ"النشرة" ان "إلتزام الدولة بإصدار ضرائب جديدة هو مطلب من المراجع الدولية للمحافظة على الإئتمان المطلوب، كما عبّر عنه رئيس المجلس النيابي ​نبيه بري​"، وأضاف: "إلاّ أن ذلك يتطلّب حركة، بل ورشة إصلاح تطاول مكامن الفساد المستشري في معظم دوائر الدولة. فذيول مشكلة تمويل السلسلة ستبقى عرضة للمدّ والجزر، حتى بعد إقرار قانون الضرائب المعدّل، لأنّ موظفي ​القطاع الخاص​ سيُطالبون بدورهم رفع أجورهم. علمًا أن أوضاع الشركات والمؤسسات الخاصة لا تتحمّل أعباءً إضافية في ظل تراجع الحالة الإقتصادية المتردية".

الانتخابات والتأجيل

وتطرق الخازن لملف الانتخابات النيابية، واعتبر انّه "من البديهي القول أنّ إعتماد ​البطاقة البيومترية​ لن يقف حائلاً أو عائقًا أمام إجراء الإنتخابات النيابية"، مؤكدا انّه "من الممكن الإستغناء عنها في الإنتخابات المقبلة على أن يتم الإعداد لها في الإنتخابات التالية، خصوصًا وأنّها تُؤمّن وفرًا بقيمة مئة وثلاثة وثلاثين مليون دولار أميركي في ظل العجز المالي اليوم، ومن الضروري البحث عن مصادر التمويل لاحقاً".

ورأى ان الالتزام باجراء الإنتخابات المقرّرة في أيار المقبل، في موعدها، "هو إستحقاق ديمقراطي بعد تمديد ولاية النواب لثلاث مرات بالوكالة التي إنتهت صلاحيتها، بعدما حُرِم الناخب من حقه الإنتخابي". واضاف: "إن هذا الأمر لا يُعـتَبَر مِنّة، بل هو إحترام للدستور ولإرادة الناس الراغبة في التعبير والتغيير، ومجرّد التفكير بأي ذريعة لتأجيل هذا الإستحقاق هو حماقة ما بعدها حماقة، لأن الشعب لم يعد يرحم ويتحمّل، والمجتمع الدولي سيعتبر الدولة اللبنانية بهذا المعنى دولة فاشلة، بل ساقطة".

ونقل الخازن عن رئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​ قوله انّه "لن يسمح بأي تعطيل أو تأجيل لمرّة أخرى لهذه الإنتخابات لأنّها تشكّل، بالنسبة إليه، مفصلاً أساسيًّا ينطلق منه إلى قفزة نوعية لرسم معالم حكمه الذي يحلم واقعًا في إنطلاقه الحقيقي بعد ذلك، بإعتبار أنّ هذه الحكومة مهّدت السبيل إلى الخروج من حال المراوحة التي سادت، وهو وفق شخصيته الثابتة والمقرّرة "جاد" ليحكم ويُحدث تغييرًا في مفاهيم الحكم وأساليبه".

خطة اسرائيلية "فقاعية"

وردا على سؤال عن ​التهديدات الاسرائيلية​ الأخيرة وما اذا كانت تعني أننا على قاب قوسين أو أدنى من حرب، قال الخازن: "أظن أنّ تهويلات وزير الدفاع الإسرائيلي ​أفيغدور ليبرمان​ الأخيرة تدخل في إطار خطة إسرائيلية "فقاعية"، بعدما إتّخذت التطوّرات العسكرية على الساحة السورية و​العراق​ية، برغم أزمة إستفتاء ​كردستان​، منحىً تصعيديًّا يهدّد ما تحقّق في إجتماعات آستانة الستة بعد إنخراط الروس والأتراك في تنسيق لوقف عجلة العنف والإتجاه إلى حل سلمي في ​سوريا​، بإعتبارها بيضة القبان في الحلول الأُخرى في العراق و​اليمن​".

وأضاف: "صحيح أنّ المخطّط التقسيمي يعود إلى الحقبة الخمسينيّة وإلى مشروع "حلف بغداد"، ثمّ مرّت عبر لبنان سنة 1975، إلاّ أنّها سقطت في إتّفاق الطائف بعد إجلاء منظّمة التحرير سنة 1984 إثر الإجتياح الإسرائيلي للبنان وحتى عاصمته ​بيروت​ والمفاوضات التي أجراها المبعوث الأميركي فيليب حبيب، وأفضت إلى إجتماعات خلوة بين الجانب الدبلوماسي اللبناني والإسرائيلي برعاية موريس درايبر المبعوث الأميركي إلى لبنان آنذاك، إلاّ أنّها عجزت عن إبرام إتفاق أمني بين الجانبَين، برغم التصويت النيابي وتحت ضغط داخلي وسوري، فهوى إتفاق 17 أيار قبل أن يرى النور"!.

واعتبر ان "كل هذه المخططات التقسيمية لم تنجح برغم تأمينها مظلة خارجية كبرى، لأنّ شعوب المنطقة، وصوتها المُعبّر في الماضي بالرئيس جمال عبد الناصر، تمكّنت من إفشال هذا المشروع من خلال أحداث 1958، أيام وحدة مصر مع سوريا، وتاليًا في عهد الرئيس الراحل حافظ الأسد الذي أسقط إتفاق 17 أيار، ومعه المحاولات الإسرائيلية لتوطين الفلسطينيين في لبنان، ولإنشاء كيانات طائفية مستقلّة في المنطقة". وقال: "وها إنّ الرئيس بشار الأسد، الذي أخذ بصدره صدّ محاولة تقسيم سوريا وجرّ المنطقة إلى "وجبة" تقسيمية على النحو المُعدّ لبلاده، ونجح في ذلك بدعمٍ روسي وإيراني والمقاومة الوطنية". وأردف: "ومهما وُظّف العامل التاريخي المُطالب بإستقلال الكردستان، فهو لن ينجح لأنّه أسير طوقٍ إقليمي وداخلي من تركيا وإيران وسوريا ومن العراق وحتى من جانب فريق من الأكراد! ومهما حاولت واستماتت إسرائيل لإنقاذ مشروعها الصهيوني الكبير لتقسيم المنطقة، فستبقى في حدود التهويل والعجز عن خوض حرب تدرك خطورة تهديد حياة كيانها الغاصب"!.

الضغوط الأميركية و​حزب الله

وعن تداعيات الضغوط الاميركية الأخيرة على حزب الله، قال الخازن: "لقد مورست مثل هذه الضغوط قبل ذلك فلم تؤثّر على المقاومة الوطنية لأنّها خارجة عن نطاق نفوذ المراقبة المصرفية الأميركية".

واعتبر الخازن انّ "الرئيس الأميركي ​دونالد ترامب​، وخصوصًا بعض أعضاء ​الكونغرس الأميركي​ "المؤسرَل"، يحاولون التضييق على المؤسسات التعليمية والصحية التابعة للمقاومة ولبيئتها تحت ذريعة تمويل هذه المؤسسات الإنسانية من جهات تؤازر عمل الخير والمساعدة".