منذ اعلان رئيس حزب "القوات اللبنانية" ​سمير جعجع​ ترشحه لرئاسة الجمهورية، بدأت القوى المعارضة له في فريق الثامن من آذار حملة شرسة عليه، معتبرة أن ذلك سوف يساهم في إضعاف فرص وصول "الحكيم" إلى سدة الرئاسة الأولى، لكن من حيث لا تدري ساهمت في رفع مستوى التعاطف معه في أكثر من مكان، وبالتالي هو سعيد بهذه الحملة التي تُربحه كثيراً في هذه الأيام.

من حيث المبدأ، يدرك رئيس حزب "القوات اللبنانية" أنه لن يستطيع الفوز بالسباق إلى قصر بعبدا بأي شكل من الأشكال، فهو حتى لو تم ترشيحه رسمياً من قبل قوى الرابع عشر من آذار، لا يستطيع الحصول على تأييد أي من نواب قوى الثامن من آذار، خصوصاً أن الخلاف بين الجانبين عميق جداً، وبالتالي لن يؤمن نسبة الأصوات المطلوبة، مع العلم أن هذا الأمر تعترضه صعوبات جمة نظراً إلى وجود أكثر من مرشح داخل هذا الفريق، أبرزهم رئيس حزب "الكتائب" أمين الجميل ووزير الإتصالات بطرس حرب.

ومن هذا المنطلق، تعتبر مصادر مطلعة في قوى الثامن من آذار أن ترشح جعجع هو رسالة إلى حلفائه بالدرجة الأولى، لا سيما بعد المعلومات التي تحدثت عن ذهاب رئيس الحكومة السابق سعد الحريري نحو تفاهم مع رئيس تكتل "التغيير والإصلاح" العماد ميشال عون يتناول الإستحقاق الرئاسي بشكل أساسي.

وترى هذه المصادر، في حديث لـ"النشرة"، أن جعجع أراد من خلال هذه الخطوة إستعادة زمام المبادرة، من خلال قوله إلى أقطاب قوى الرابع عشر من آذار إنه لا يمكن تجاوزه في هكذا قرار مصيري، كما أنه لا يوافق على تبني ترشح عون لأن هذا الأمر سيكون له نتائج كارثية على شعبيته في الشارع المسيحي، وبالتالي "الحكيم" يريد أن يكون مقرراً أساسياً في هذا الإستحقاق على صعيد فريقه السياسي على الأقل، خصوصاً أنه يعلم جيداً أنه لا يمكن لتيار "المستقبل" في هذه المرحلة الإستغناء عنه، خصوصاً أن ما بعد الإنتخابات الرئاسية ستكون البلاد على موعد مع الإنتخابات النيابية، التي سيكون جعجع رقماً صعباً فيها على صعيد قوى الرابع عشر من آذار.

على صعيد متصل، لا ترى هذه المصادر أن الحملة التي تشن على رئيس حزب "القوات اللبنانية" من قبل فريقها السياسي أمر مفيد، وتشير إلى أن "الحكيم" يستفيد منها إلى أبعد حدود، حيث يستطيع اليوم القول لجمهوره أن الطبقة السياسية تريد محاسبته على مرحلة الحرب اللبنانية، التي سُجن بسببها نحو 11 عاماً، في حين هي لا تريد محاسبة نفسها، وبالتالي يمكنه الرد على هذه الحملة بالدعوة إلى محاسبة كل الطبقة السياسية، أو القول أنه حالياً "يُظلم" مرة ثانية.

من وجهة نظر هذه المصادر، يربح جعجع من خلال هذه الحملة عليه في الشارع المسيحي، الذي سيتعاطف معه بسبب حملة قد يراها غير مبررة، كما أنه يربح داخل جمهور قوى الرابع عشر من آذار، الذي يعتبر منذ فترة أن "الحكيم" هو الرجل "القوي" الملتزم بـ"الثوابت" التي يناضل من أجلها من دون أي تراجع، وهو من أجل ذلك رفض المشاركة في طاولة الحوار الوطني برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان أو الدخول إلى حكومة "المصلحة الوطنية" برئاسة تمام سلام.

من جانبها، تؤكد مصادر مطلعة في حزب "القوات اللبنانية"، عبر "النشرة" أن هذه الحملة كانت متوقعة منذ البداية، وبالتالي هي لم تكن صادمة بالنسبة لها، لكنها تشير إلى أنها مستمرة في المعركة الرئاسية التي تخوضها حالياً إنطلاقاً من نضالها التاريخي.

وترفض المصادر التعليق على المعلومات التي تتحدث عن موقف الحلفاء، لا سيما أن الكثيرين منهم أعلنوا صراحة تأييدهم جعجع، وتشير إلى أنها تنتظر بحث هذا الموضوع بشكل رسمي في الأيام القليلة المقبلة، وتؤكد أن "الحكيم" يملك كل المواصفات التي تخوله إدارة المرحلة المقبلة بشكل جيد.

في المحصلة، لن يستطيع جعجع الوصول إلى رئاسة الجمهورية في هذه المرحلة، لكن بالتأكيد هو لم يقدم على خطوة الترشح من دون أهداف واضحة، والحملة التي تُشن عليه تساعده في تحقيقها لأنه كان يتوقع حصولها.