على الرغم من الإتصالات الكثيفة التي أجراها رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، قبل الإعلان عن تبني تيار "المستقبل" ترشيح رئيس حزب "القوات اللبنانية" ​سمير جعجع​ إلى رئاسة الجمهورية، يبدو أن التيار محرج اليوم إلى أبعد الحدود على الصعيد الشعبي في مدينة طرابلس من وراء هذا التبني، لا سيما أن جعجع متهم بإغتيال رئيس الحكومة الراحل رشيد كرامي.

وفي هذا السياق، تكشف مصادر نيابية في كتلة "المستقبل"، عبر "النشرة"، عن نقل عدد من نواب الكتلة في طرابلس حالة من الإمتعاض الشعبي بسبب هذا التبني، وتشير إلى أن هناك من يسعى إلى إستغلال هذه الحالة في مواجهته لنفوذ التيار في المدينة، وتلفت إلى أن هذا الأمر هو الذي دفع بالنائب محمد كبارة إلى الإعلان عن إتصالات يجريها مع نواب المدينة من أجل أخذ الموقف المناسب.

وفي تعليق على هذا الموضوع، يرى أحد نواب الكتلة أن "السكوت هو أفضل تعبير عن الذي يجري"، ويسأل: "هل هناك من هو مقتنع بأن اللبنانيين هم من ينتخبون الرئيس؟".

ويستغرب النائب، في حديث لـ"النشرة"، موقف النائب كبارة لا سيما أن تيار "المستقبل" كان قد تحالف مع حزب "القوات اللبنانية" في أكثر من مكان في السنوات السابقة، لكنه يشير إلى أن هذا الأمر لم يحصل في الإنتخابات النيابية في طرابلس.

ويعتبر النائب نفسه أن زملاءه في الكتلة يعبّرون عن رأيهم الشخصي، لكنه يؤكد أن الموضوع سيحسم في إجتماع الكتلة الذي سيعقد خلال الساعات القليلة المقبلة.

وفي حين تحدثت بعض المعلومات عن أن قيادة التيار في المدينة منقسمة حول الموقف مما يجري، حيث يرى البعض أن الحملة القائمة حالياً مفتعلة من قبل جهات معينة، في حين يرى البعض الآخر أنها تعبّر عن مزاج شعبي، يؤكد مصدر قيادي في "المستقبل" من المدينة أن الحالة الإعلامية القائمة راهنًا لا تعكس إلا توجه عائلة كرامي، ويشير إلى أن أبناء المدينة يؤيدون ترشيح جعجع لرئاسة الجمهورية.

ورداً على سؤال حول موقف النائب كبارة، يشدد على أنه لا يعبّر عن موقف الكتلة التي يعبّر عنها رئيسها أو البيان الرسمي الذي يصدر بعد إجتماعها، ويسأل: "هل يريد النائب كبارة التشاور مع بعض نواب طرابلس الذين يتّهمهم بخيانة الأمانة في هذا الموضوع؟".

ويوضح القيادي في تيار "المستقبل" أن هناك الكثير من الأمور التي تغيرت في الحياة السياسية منذ 25 سنة حتى اليوم، وبالتالي الحملة على التيار لن تؤثر في مزاج الشارع في المدينة، ويؤكد المصدر أن التيار ليس في وارد التراجع عن تأييد رئيس حزب "القوات اللبنانية" في جلسة الإنتخاب التي ستعقد غداً.

وعلى صعيد متصل، رجحت مصادر مطلعة ألاّ يلتزم عدد من نواب الكتلة بقرار تبني ترشيح جعجع، خصوصاً أن بعضهم لديه حسابات خاصة يحرص على مراعاتها في أغلب الظروف، لا سيّما أن الجميع يعلم بوجود صراع على النفوذ السياسي في المدينة في هذه المرحلة، وبالتالي من المفترض أخذ كل الحسابات في أي قرار.

من ناحية أخرى، تسعى جهات في قوى الثامن من آذار إلى إحراج التيار عبر طرح التساؤلات حول موقفه في حال تبنت قوى سياسية أخرى ترشح قاتل رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري إلى أي منصب رسمي في المستقبل، خصوصاً أن التيار يقوم بهذا الأمر اليوم، ويقول النائب "المستقبلي" أنه في حال حصول ذلك لن يكون التيار إلى جانبه، ويشدد على أن "المستقبل" لم يكن لديه خيار آخر، حيث أن رفضه لدعم جعجع كان سيؤدي إلى خلاف مع "القوات"، بعد التباعد في وجهات النظر الذي حصل في أكثر من إستحقاق خلال الفترة الأخيرة، وبالتالي كان على التيار الذهاب إلى تبني ترشّح جعجع على الأقل في الدورة الإنتخابية الأولى.

في المحصلة، لا يشعر تيار "المستقبل" بالإحراج على المستوى الشعبي من تبني ترشيح رئيس حزب "القوات اللبنانية"، وهو يرى أن الحياة السياسية يجب أن تستمر، ولكن هل سينجح في إقناع نواب كتلته بالاجماع على هذا الأمر أم أن البعض سوف يلجأ إلى مراعاة حساسية الوضع في عاصمة الشمال؟