في اليوم الخامس عشر للعدوان الصهيوني، باتت حكومة العدو برئاسة بنيامين نتنياهو تبحث عن طوق نجاة للخروج من الاستمرار في الغرق في حرب استنزاف من العيار الثقيل في غزة، لم تتوقع أن تبلغ هذا الحد من الكلفة البشرية من الأيام الأولى، عدا عن الكلفة الاقتصادية.

فالجيش الإسرائيلي تكبّد حتى الآن أكثر من 30 قتيلاً بحسب اعترافاته، وما يناهز الـ110 جرحى إلى جانب أسر جندي. في حين دمّرت له عشرات الدبابات والآليات المدرعة. كذلك فإن "إسرائيل" تكبّدت خسائر اقتصادية كبيرة نتيجة الشلل في حركة الاقتصاد والسياحة التي بلغت مئات الملايين من الدولارات.

هذه الخسائر الكبيرة التي تزداد مع كل يوم يستمر فيه العدوان على قطاع غزة، لم تحصل من دون أن ينجح جيش الاحتلال، أقوى جيش في المنطقة في تحقيق نجاحات في الميدان يقيد بها، فهو يعاني صعوبة كبيرة في التقدم والسيطرة على حي الشجاعية نتيجة بسالة رجال المقاومة في التصدّي له وتكبيده الخسائر الكبيرة، حتى باتت الشجاعية مثالاً مشابهاً لبلدة بنت جبيل في جنوب لبنان، لناحية البطولات التي سطّرها رجال المقاومة وإذلال الجيش "الإسرائيلي"، وخصوصاً لواء النخبة فيه غولاني الذي قتل وجرحى كبار قادته، في حين شوهد جنوده غارقين في البكاء في مشهد يعبّر عن انهيار معنوياتهم.

هذا كان المشهد العسكري أما المشهد السياسي فيؤشر إلى اقتراب حكومة العدو من التسليم بالهزيمة، وهي تبحث عن مخرج يحفظ لها ماء الوجه وعمّن يقدم لها طوق النجاة ليساعدها على النزول من على الشجرة والسقوف العالية التي أعلنتها كأهداف لعدوانها والتي لم تحقق الحد الأدنى ولا الحد الأعلى منها.

وبات مشهد المعركة عسكرياً في اليوم الخامس عشر يتسم بالآتي:

ـ المقاومة تفاجئ العدو كل يوم بهجمات جديدة وتوقع في صفوفه مزيداً من الخسائر.

ـ العدو يحصي خسائره ويعترف بقتلى ضباطه وجنوده بالتدريج.

ـ المقاومة تسبقه بإعلان أسر جندي، فيما هو ينكر ثم يعترف بفقدان جندي في أرض المعركة.

ـ عجز الجيش الإسرائيلي عن السيطرة على حي الشجاعية على رغم مرور أربعة أيام على هجومه.

أما المشهد السياسي فقد تجلّى في الآتي:

ـ مسارعة واشنطن عبر رئيس دبلوماسيتها جون كيري لتقديم طوق النجاة لـ«إسرائيل» عبر العمل على التوصّل سريعاً لاتفاق لوقف النار.

ـ اعتراف «إسرائيل» بتزايد الضغوط الدولية لوقف النار. في حين أن الصحافة «الإسرائيلية» تتحدث عن أن نتنياهو غير قادر على أخذ قرار القبول بوقف النار لأنه لا يملك غالبية داخل مجلس الوزراء المصغّر، حيث يواجه معارضة قوية من الوزيرين نفتالي بنت وافغدور ليبرمان.

ـ إعلان سياسيين «إسرائيليين» بأن مهمة تدمير الأنفاق الهجومية شارفت على نهايتها، فيما يبدو تمهيداً لإعلان «إسرائيل» انتهاء الهجوم البري والقبول باتفاق وقف النار.

ـ الحديث في الصحافة «الإسرائيلية» عن استعداد «إسرائيل» لقبول فتح معبر رفح شرط أن يكون تحت سيطرة السلطة الفلسطينية، وحل مشكلة تحويل رواتب الموظفين في قطاع غزة.

خلاصة القول، العدوان الصهيوني فشل في تحقيق أهدافه، وحكومة نتنياهو في الطريق للتسليم بانكسار جيشها أمام المقاومة وتغطية هذا الفشل بالقول إنها دمّرت الأنفاق الهجومية، وأميركا تسارع إلى تقديم قارب النجاة لها كما فعلت في حرب تموز 2006، عندما استنجدت حكومة ايهود أولمرت بالإدارة الأميركية.