في ظلّ الأوضاع الصعبة التي يمرّ بها لبنان، بات أكثر من ضروري فتح قنوات الحوار والتواصل بين "حزب الله" وتيار "المستقبل"، وهذا أمر مسلم به من أغلب القوى المحلية التي ترى أن مثل هذا الأمر كفيل بالتخفيف من حدة الإحتقان القائم في الشارع، لكن هناك أسئلة تطرح حول الأسباب التي تحول دون ذلك، لا سيما في ظل التهديدات الإرهابية التي تجتاح المنطقة.

داخل التيار والحزب، هناك شخصيّات تؤكد على أهمية هذا الحوار، مع وجود عراقيل تحول دون ذلك، أبرزها الخلاف الإيراني-السعودي، حتى أصبح البعض يؤكد أن الإنفراج بين الفريقين سينعكس ايجابًا على الساحة اللبنانية، ومن هنا وضع خطاب وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق في ذكرى إستشهاد اللواء وسام الحسن في سياق التصعيد القائم بين طهران والرياض.

"العقدة عند تيار المستقبل، فمواقف الحزب واضحة بأن اليد ممدودة من أجل التواصل حول أي ملف"، هذا ما يؤكد عليه عضو كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب ​كامل الرفاعي​، ويشير إلى أن كلاً من الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله ونائبه الشيخ نعيم قاسم أكدا على ذلك في أكثر من مناسبة.

ويوضح النائب الرفاعي، في حديث لـ"النشرة"، أن هناك قناعة بأن حل الخلافات القائمة لا يمكن أن يكون إلا من خلال الحوار المباشر، لكن الفريق الآخر يصر في كل مرة على وضع شروط تعرقل هذه المسيرة، أبرزها موضوع الإنسحاب من سوريا، في حين أن المطلوب التلاقي سريعاً.

في الجانب المقابل، هناك عتب كبير على تصرفات الحزب، حيث يشدد عضو كتلة "المستقبل" النائب ​عاصم عراجي​ على أن التيار قدم كل ما لديه من أجل الدخول في مرحلة جديدة، لكن الفريق الآخر لم يلتزم بأي أمر تم الإتفاق عليه، ويشير إلى أن وزير الداخلية والبلديات نهاد المنشوق تحدث مؤخراً بشكل واضح عن بعض الأمور، ويضيف: "تم الإتفاق على تطبيق خطة أمنية في البقاع والشمال، نفذت في المنطقة التي نمون عليها، لكن الحزب قال بعد ذلك أنه لا يمون في منطقة البقاع".

ويعتبر النائب عراجي، في حديث لـ"النشرة"، أن معركة الشمال الأخيرة أثبتت أن التيار لا يغطي أي مخل بالأمن، ويسأل: "ماذا قدم الحزب من أجل إستكمال الخطة الأمنية؟"، ويضيف: "يريدون منا التنازل عن كل شيء من دون أن يقدموا أي شيء في المقابل"، ويذكر بأنه على طاولة الحوار تم الإتفاق على الإلتزام بـ"إعلان بعبدا" إلا أن الحزب بقرار إيراني ذهب إلى القتال في سوريا.

يتفق الجانبان على أهمية الحوار بينهما، ويؤكدان أنه يساعد في معالجة الكثير من الملفات العالقة، إلا أنهما يعتبران أن لا أرضية لذلك في هذه المرحلة، فبالنسبة إلى النائب الرفاعي مجرد اللقاء يساعد في التخفيف من حدة الإحتقان القائم، حتى لو لم يؤد إلى أي نتيجة تذكر، ويؤكد السعي إلى الوصول إلى ذلك.

ويلفت النائب الرفاعي إلى أن بعض الشخصيات، داخل تيار "المستقبل"، تسعى أيضاً إلى فتح قنوات تواصل، إلا أنه يعتبر أن هناك قراراً سعودياً يؤخر الوصول إلى نتائج إيجابية، ويرفض ربط الموضوع بالحوار السعودي-الإيراني، لا سيما أن الحوار الخارجي تعتريه الكثير من العقد، ويقول: "عقولنا وقلوبنا مفتوحة من أجل أي تلاقٍ مع الفريق الآخر".

من جانبه، ينطلق النائب عراجي من خطاب السيد حسن نصرالله الأخير، ليؤكد أن لا أرضية لهكذا تعاون بين التيار والحزب في هذه المرحلة، ويرى أن على الأخير أن يظهر نوايا حسنة أولاً، من تطبيق الخطة الأمنية إلى الإنسحاب من القتال الدائر في سوريا الذي جلب الويلات إلى لبنان، ويتابع: "نحن نريد أن تقف الدولة من جديد ونريد بناء المؤسسات".

يؤكد النائب عراجي أن التلاقي من أجل التلاقي فقط غير مطلوب حالياً، فـ"نحن لنا جمهور لا نستطيع أن نبقى في نظره من مقدّمي التنازلات فقط بسبب تصرفات الفريق الآخر"، ويعتبر أنّ الإتفاق الإيراني-السعودي من الممكن أن يساعد في حلحلة الأمور على الساحة اللبنانية.

في المحصلة، يدرك الجانبان أهمية الحوار بينهما في المرحلة الراهنة، وهما مقتنعان بأن لا حل لأي ملف من دون توافق، لكنهما حتى الآن لا يستطيعان القيام بهذه الخطوة، لربما المطلوب سقوط المزيد من الشهداء كي يقتنعا بأن الوقت حان لذلك.