بين الحديث عن غياب «متقصد» للنائب سليمان فرنجية عن العشاء السياسي في دارة السفير السعودي احتجاجا على ما ساقه السفير العسيري من مواقف في شان الرئاسة وبين ما يقال ان فرنجية لم يحضر حتى لا يصافح ميشال عون او يجلسا معا على طاولة واحدة ويتناولا الطبق نفسه فان الازمة تبدو على حالها بين الرابية وبنشعي بحسب مصادر مسيحية، وهي التي بدأت رئاسية حول أحقية من يملك الظروف والمعطيات الملائمة للرئاسة، فاذا بها تتمدد الى سائر الملفات لتظهر اشكالية الخلاف العوني - المردي في الملف البلدي وقد ظهر الخلاف بين التيارين في جولات انتخابية بوضوح وبقي مستتراً في محطات اخرى ولم تكن خفية في جونية او سرية الاتهامات التي وجهتها الرابية حول دعم مالي من خلال اصدقاء لبنشعي لاسقاط جوان حبيش ولائحة التيار الوطني الحر كما ليس خافياً ان الاهتمامات والانظار شاخصة الى يوم الاحد لاستطلاع كيفية التصويت والتنافس بين التيارين العوني والمردي في استحقاق الشمال.

بطبيعة الحال فان المشهد الشمالي لا يختلف كثيراً عما سبقه من جولات انتخابية ثلاث تقول المصادر، والذي يبدو متأثراً بالاصطفافات السياسية الجديدة والتحالفات التي شهدتها الساحة الداخلية، الا ان المؤكد ان انتخابات الشمال سوف تشهد تغييراً واضحاً وقراراً بلدياً سوف يخرج لاعبين اساسيين من حلبة الصراع وسوف تظهر احجام واوزان لاعبين جدد كما ان هذه الانتخابات سوف تحدد موقع الاقوياء في لبنان الشمالي، بدون شك فان معركة طرابلس هي الاكثر جاذبية كونها تحصل بتحالف هجين بين الحريري وميقاتي للمرة الاولى مع النائب محمد الصفدي والوزير فيصل كرامي بعد قطيعة سياسية في مواجهة تيار الوزير اشرف ريفي احد اقوياء المستقبل، وبالتالي فان المعركة تدور رحاها بين ثلاث لوائح تسعى كل منها الى تحقيق اختراقات فيما تبدو المنازلة على اشدها بين الحريري وريفي حيث يسعى تيار المستقبل الى كسر ريفي وتحجيمه مع حرصه على رفع التصويت في طرابلس تفادياً لتكرار تجربة ما حصل مع لائحة بيروت مدينتي.

رئيس تيار المردة يبدو مرتاحاً بالمبدأ لمسار معارك الشمال على حدّ قول المصادر المسيحية خصوصاً بعد التحالف مع رئيس حركة الاستقلال ميشال معوض في زغرتا لتخفيف التشنج الذي يمكن ان يحصل في بعض البلدات ذات الحضور العوني القوي فيها على خلفية الخلاف والصراع بين المردة والتيار الوطني الحر، وليس خفياً ان الانتخابات البلدية هي الاستحقاق الفعلي الاول والاكثر سخونة الذي يقوده نجل رئيس المردة طوني فرنجية الذي يحرص على ان لا يخطو خطوات ناقصة او مؤذية في الاستحقاق البلدي والتي توفر على الشمال والمناطق المسيحية مواجهات حامية. وعليه فان التوافق الذي رعاه رئيس تيار المردة والتفاهم الانتخابي حول انتخابات القضاء مع ميشال معوض حيد بلدات كثيرة في القضاء فازت بالتزكية في حين التوافق الانتخابي لم يحصل بين المردة والتيار الوطني الحر في زغرتا وبلدات كثيرة، وفي حين ان معوض خاض مفاوضات مع القوات للتفاهم وتقريب وجهات النظر، فان التيار الوطني الحر بقي خارج التوافق فارتضى التيار حيث لم يحصل التوافق دعم لوائح القوات وحركة الاستقلال، وحيث ان التوافق لم يحصل بأبهى حلله بين التيار والمردة اذ بقيت التجاذبات السياسية وخلفية ما حدث في جونية وبعض البلدات في جبل لبنان حاضراً بقوة في استحقاق الشمال.

وفي البترون وتنورين تقول المصادر نفسها، يبدو الوضع الانتخابي اكثر حماوة من زغرتا حيث المواجهة بين النائبين بطرس حرب ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل والتي سترجح قوة احدهما في الاستحقاقات القادمة، وحيث ان تفاهم القوات والتيار الوطني الحر وضع كل ثقله في معركة القبيات في مواجهة لائحة «القبيات تقرر» التي يدعمها النائب هادي حبيش، في حين ان التحالف نفسه يواجه اللائحة المدعومة من النائب بطرس حرب في تنورين في ظل المخاوف من ان تتكرر سيناريوهات زحلة وما جرى في جبل لبنان لسقوط زعامات شعبية ونواب في مواجهة تفاهم معراب .

بدون شك فان انتخابات الشمال ظاهرها بلدي لكنها ترسم معالم كثيرة ويمكن قراءة بين سطورها ان الخلافات واقعة بين المردة والتيار الوطني وان اسبابها تبدأ من الملف الرئاسي وتنتهي عنده ايضاً، وان المردة التي نجحت في طي خلافات الماضي والتفاهم البلدي مع الخصم والمنافس الزغرتاوي رغم استحقاقات كثيرة وجولات قاسية مع آل معوض، الا ان التلاقي بين المردة والتيار في الشمال يبدو معقداً وابعد من الفوز او الخسارة في البلدية .