مهما يحاول البعض في وسائل الإعلام وضع موقف ​بكركي​ من ​ملف النازحين السوريين​ ضمن خانات طائفية او مذهبية على إعتبار أن الغالبية الساحقة من هؤلاء النازحين من المسلمين السُنّة، لن يوقف البطريرك الماروني الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي حملته المطالبة بإعادتهم الى بلدهم، وتحديداً الى المناطق الآمنة في ​سوريا​، وذلك إنطلاقاً من معطيات عدة وردت الى الصرح البطريركي. وعن هذه المعطيات يتحدث مطران بارز عن أن ​الكنيسة المارونية​ إطّلعت على أكثر من دراسة أجريت عبر الوزارات المعنية كوزارات الإقتصاد والعمل والشؤون الإجتماعية، وباتت على قناعة بأن الأرقام التي تظهرها هذه الدراسات عن تداعيات النزوح الإقتصادية والإجتماعية والأمنية على ​لبنان​، تتطلب ومن دون تردد دقّ ناقوس الخطر بوجه الحكومة والأفرقاء السياسيين ككل، وبوجه الدول الخارجية التي تعرف بكركي أنها تسعى بكل ما لديها لإبقاء النازحين في لبنان. هذه الأرقام، حضرت بحسب المطران على طاولة مجلس ​المطارنة الموارنة​ الذي إنعقد في بكركي بداية الشهر الجاري، وعمّم على المطارنة الطلب من كهنة أبرشياتهم التركيز في عظاتهم الأسبوعية على أهمية عودة النازحين الى بلدهم، نظراً لما باتوا يشكلونه من خطر على لبنان، وحرصاً على هويتهم وعدم فقدانها.

أضف الى دراسات الوزارات المعنية، تلقّت الأديرة والأبرشيات لا سيما تلك الواقعة في المناطق النائية البعيدة عن العاصمة بيروت، شكاوى عدّة من أبناء الرعايا اللبنانيين الذين عمدت المؤسسات والمصانع والشركات والمطاعم الى طردهم من وظائفهم، وإستبدلتهم بعمال سوريين خلافاً للقوانين، وذلك بهدف التخفيف من الأعباء الماليّة التي تتكبدها الشركات على الموظف أو الأجير اللبناني من إشتراكات ​الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي​ وغيرها من الرواتب التي يقبل النازح السوري بأقل منها.

وبين دراسات الوزارات وخطر أرقامها، وشكاوى المواطنين في الأبرشيات من منافسة النازحين لهم على لقمة عيشهم، تكشف مصادر روحيّة مطلعة أن ​البطريركية المارونية​ طلبت من المسؤولين عن أبرشياتها لا سيما في دول ​الإتحاد الأوروبي​ دراسات رقميّة عن مدى جدّية هذه الدول بالوعود المالية التي أعطتها للبنان لمساعدته بأعباء النازحين، وتبيّن بحسب ما ورد من تقارير، بأن الوعود التي أطلقت مع بداية ​الحرب السورية​، بقيت بمعظمها حبراً على ورق، وأن عدداً قليلاً من هذه الدول دفع للبنان مبالغ ماليّة، ولكن حتى هذا العدد القليل لم يدفع ما يتوجب عليه كاملاً.

كل هذه المعطيات رفعتها بكركي الى الفاتيكان وأصبحت بأرقامها وتداعياتها بين يدي ​البابا فرنسيس​، ومن هنا صدر القرار بدقّ ناقوس الخطر حيال ملف النازحين السوريين، وبالدفع الى الأمام في إتجاه دعم أي مبادرة سياسية أو حكومية لإعادتهم الى بلدهم، مهما بلغ حجم الإتّهامات التي ستوجه الى بكركي، وحتى لو خرج البعض ليقول إن الكنيسة المارونية تهاجم النازحين لخلفيّات ديمغرافية وخوفاً من أي مشروع توطيني، كل ذلك لأنّ التجارب التاريخية على هذا الصعيد تدعو الى أخذ الحيطة والحذر.