وفي الساعات التي كثرت فيها الأخبار التفاؤلية المسرّبة عن ولادة قريبة للحكومة، أعاد الأمين العام ل​حزب الله​ السيد حسن نصرالله الى الواجهة من جديد العقدة القديمة-الجديدة المعروفة بتمثيل النواب السُنّة الذين فازوا من خارج لوائح ​تيار المستقبل​، ناصحاً رئيس الحكومة المكلف ​سعد الحريري​، ومن دون أن يسميه، بعدم تحديد مهل زمنية لإعلان التشكيلة، كي لا يؤدي عدم الإلتزام بهذه المهل الى جو من الإحباط.

كلام السيد نصرالله فسّره البعض وكأنه نعي للحكومة ونسف للأجواء التفاؤلية المتقدمة، الأمر الذي تصفه المصادر المقربة من حزب الله بـ"الإتهام غير الدقيق". وتضيف "منذ أن كُلّف الحريري تشكيل الحكومة، وحزب الله كما ​حركة أمل​ يتحدثان تارةً بشكل مباشر وتارةً أخرى عبر أوساطهما عن ضرورة إحترام نتائج الإنتخابات النيابية وإعتماد معايير واحدة في التمثيل، وأنه لن يتخلى عن حلفائه كما كان يحصل في كل المحطات المماثلة سابقاً". "كل هذه التحذيرات والنداءات" تقول المصادر المقربة من الحزب، "لم يأخذها الحريري ولو لمرة واحدة على محمل الجد، لا بل أسوأ من ذلك، كان في كل مرة يطرح عليه سؤال صحافي عن تمثيل سنة ما كان يعرف بفريق الثامن من آذار، كان الحريري يتجاهل الردّ وذلك بهدف الإيحاء للرأي العام بأن المسألة غير مهمّة، وبأن الحكومة ستتشكل عندما تُحلّ العقدتان المسيحيّة بين التيار الوطني الحر والقوات، والدرزية بين الحزب التقدمي الإشتراكي والحزب الديمقراطي اللبناني".

حتى لو كان الحريري غير ممانع لتمثيل سنّة الثامن من آذار، فهو يرفض تماماً أن يأتي هذا التمثيل على حساب حصته، تقول أوساطه وتضيف "لم يعد بإستطاعة الحريري الذي قدّم الكثير من التنازلات أن يتنازل تجاه جمهوره عن مقعد سنيّ آخر من حصّته غير المقعد الذي سبق أن قايضه مع رئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​ بمقعد مسيحي". لذلك وفي حال بادر الرئيس عون في اللحظات الأخيرة الى توزير سني من فريق الثامن من آذار بدلاً من فادي عسلي المقرر أن يسند اليه المقعد السني المخصص للرئيس، فلن يكون الحريري ممانعاً شرط ألا يكون الوزير السني المسمّى شخصيّة إستفزازية للحريري كالنائب عن دائرة الضنيّة ​جهاد الصمد​ أو كنائب البقاع الغربي عبد مراد. وفي هذا السياق، يقول المطّلعون إن الأوفر حظاً على هذا الصعيد، سيكون النائب ​فيصل كرامي​، على أن يتم الإتفاق بينه وبين الرئيس عون على آلية عمل مشتركة في مجلس الوزراء، كونه نائباً سبق أن إنضم الى التكتل الذي يضم نواب المردة مع الصمد والنائبين فريد هيكل الخازن ومصطفى الحسيني، وهو تكتّل لا يوفّر نوابه مناسبة إلا وينتقدون فيها العهد ورئيس الجمهورية.

إذاً كرامي قد يكون المخرج للعقدة السنية، ومن الممكن أن يصبح وزيراً، لكن ذلك لن يتم إلا إذا شعر الرئيس عون بأن العقدة السنيّة هي الشيء الوحيد الذي لا يزال يعترض إعلان التشكيلة الحكومية الجديدة. مخرج سيبقى في الأدراج الى حين حلّ العقدة القواتيّة.