لم ينتظر وزير الدولة لشؤون النازحين ​صالح الغريب​ طويلاً، حتى يدشّن الزيارة الأولى لوزير في ​الحكومة​ الجديدة إلى ​سوريا​، بالرغم من الموقف المعارض المعلن من جانب رئيسها ​سعد الحريري​، الذي كان، منذ أيّام الحكومة السابقة، يعتبر أنّ الزيّارات التي يقوم بها بعض الوزراء خاصة لا رسمية.

وزيارة الغريب تكتسب أهميّة خاصة، كونه الوزير المعني بالملفّ الأبرز على مستوى العلاقات الثنائيّة بين البلدين، أيّ ​ملف النازحين السوريين​، حيث تدعو العديد من القوى المحلية إلى التنسيق المباشر مع الدولة السوريّة لمعالجته، في حين تفضّل قوى أخرى البقاء خلف المبادرة الروسيّة.

في هذا السيّاق، تؤكّد مصادر سياسيّة معنيّة في هذا الملفّ، عبر "​النشرة​"، أنّ وجود الغريب على رأس هذه الوزارة يعني التغيير في السيّاسة المعتمدة، على عكس ما كان الواقع أيام الوزير السابق ​معين المرعبي​، فالأخير معروف بمواقفه المعارضة لأيّ تنسيق مع سوريا، والتي تصل إلى حدّ العداء مع نظامها القائم، بالرغم من تبدّل المعطيات القائمة على أرض الواقع.

وتشير المصادر نفسها إلى أنه بغض النظر عن المواقف الخاصة بكل فريق هناك مصلحة ​لبنان​يّة في التنسيق مع سوريا لمعالجة ملفّ النازحين، وبالتالي لا يجب التردّد في هذا المجال خصوصاً أن المبادرة الروسيّة، على ما يبدو، عالقة في مكان ما، هو على الأرجح غياب التمويل اللازم، نظراً إلى مواقف الدول الغربيّة منها، التي تربط بين ملفّي عودة النازحين وإعادة الإعمار والعمليّة السياسيّة.

وترى هذه المصادر أنّ لبنان لا يمكن له أن ينتظر هذا الأمر، خصوصاً أنّ العمليّة السياسيّة قد تأخذ وقتاً طويلاً، في حين أنّ أغلب المدن السوريّة باتت آمنة وبالتالي ليس هناك ما يمنع عودة النازحين إلى بلادهم، باستثناء الإغراءات الماليّة التي تأتي على شكل مساعدات تقدّم لهم من جانب المنظمات الدوليّة، وتشدد على أنّ مجرّد إعلان تلك المنظمات أن المساعدات سوف تستمرّ بعد عودتهم ستتحرك دفعات كبيرة منهم نحو سوريا.

بالتزامن، تشير مصادر سياسيّة مطّلعة، عبر "النشرة"، إلى وجود توجه جديد على ما يبدو بالنسبة إلى العلاقة مع سوريا، وتلفت إلى أن الدليل على ذلك هو المواقف المتقدّمة التي أدلى بها وزير الدفاع الوطني ​الياس بو صعب​، على هامش مؤتمر ميونخ، لا سيما خلال لقائه ​وزير الدفاع التركي​ ​خلوصي آكار​، وتعتبر أنّ ما يحصل لا يمكن إلاّ أن يكون بموافقة رئيس الحكومة، حتى ولو كان الحريري يعلن عكس ذلك بمواقفه.

وتوضح المصادر نفسها أنه بات من الواضح أن هناك توافقاً على تجاوز معضلة التنسيق مع سوريا، لكن في الوقت عينه من دون إحراج الحريري نظراً إلى أن الأخير لا يستطيع القيام بأيّ خطوة في الوقت الراهن، وبالتالي هو ينتظر التوجهات العربيّة في المرحلة المقبلة، خصوصاً على مستوى موقف المملكة العربية السعوديّة، مع العلم أنّ شبه تعطيل حصل للإستدارة العربيّة الأخيرة نحو دمشق، نتيجة الضغوط التي فرضت على بعض العواصم بعد عملية إعادة السفارات التي حصلت في الفترة السابقة.

في المحصلة، تجزم هذه المصادر أن زيارة الغريب لن تكون الأخيرة له، كما أنه لن يكون الوزير الوحيد في الحكومة الحاليّة الذي يزور دمشق، لكنها تؤكد أن الحريري لن يبدّل في موقفه العلني في الوقت الراهن، بالرغم من أن الجميع يعلم بالتبدّل الحاصل والّذي لا يمكن إغفاله.