ليس مستغربا أن يخرج القيادي في تيار "المستقبل" ​مصطفى علوش​ قبل ساعات ليتحدث عن تسليم قيادة تياره بالأمر الواقع، وعن نوع من الاستسلام والعجز ازاء ما صدر ويصدر من مواقف عن الأمين العام ل​حزب الله​ ​السيد حسن نصرالله​، وبالتحديد لجهة الحديث عن سقوط الحدود وعن جبهات مفتوحة في حال تعرض ايران للعدوان. اذ اعتاد علوش وشخصيات "مستقبليّة" أخرى تعدّ على أصابع اليد الواحدة كرئيس الحكومة السابق ​فؤاد السنيورة​ والنائب ​نهاد المشنوق​ الخروج الى العلن بمواقف قد لا تنسجم مع السياسة العامة للتيار، والتي يعتبر البعض أنها تندرج باطار توزيع الأدوار الحاصل بين أجنحة حزب رئيس الحكومة ​سعد الحريري​. لكن المواقف المتنوعة شيء والممارسة السياسية شيء آخر. اذ تبقى المواقف المعلنة للحريري هي التي ترسم سياسة تياره مهما علا سقف وصوت بعض أعضاء كتلته.

ولم يعد خافيا على أحد أن المكاسب التي حققها الزعيم الشاب في السلطة سواء من خلال تمتين علاقاته السياسية ونجاحه بتنظيم الخلاف مع أخصامه ما كرس بقاءه على رأس الحكومة طوال عهد رئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​ وفي العهد الذي يليه، أو من خلال وضع يده على كامل الحصة السنية في التعيينات، لا تلقى أي صدى لها داخل تياره كما في الشارع. اذ تؤكد مصادر مطلعة على نبض "المستقبل" والشارع السني ان جمهور الحريري مصاب باليأس بغياب التقديمات وأيّ خدمات للمناطق، وذهاب الوعود التي أغدقها عليهم عشية الانتخابات النيابية أدراج الريح، ما دفع الكثير منهم للانسحاب من "التيار" والالتحاق بتيارات وأحزاب أخرى يجدون فيها ما باتوا يفتقدونه في "المستقبل"، خاصة وان حتى الكوادر والمنسقين باتوا يعملون من دون رواتب منذ أشهر طويلة ما دفع العدد الكبير منهم للتخلي عن مهامه.

وبحسب المعلومات، فقد التحق جزء من هؤلاء كما جماهير واسعة بأحزاب وشخصيات أخرى كالنائب عبد الرحيم مراد في البقاع، رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي في طرابلس والنائب ​فؤاد مخزومي​ في بيروت، علما ان قسما كبيرا من جماهير عكّار المستقبليّة باتت تجد بـ"القوات اللبنانيّة" ما تفتقده في التيار الازرق وبخاصة لجهة الخطاب السياسي. وتضيف المصادر: "جمهور الحريري في عكار يعتبر انه يخالف كل الشعارات التي خاض على أساسها الانتخابات، وهو يهادن حزب الله لضمان بقائه في السلطة، لذلك يرى بخطاب القوات الخطاب المستقبل المفقود، كما يرى قسم كبير من الجمهور الطرابلسي ان خطاب ميقاتي بات يعبر عنه اكثر من خطاب الحريري".

ويجد نواب "المستقبل" صعوبة بالاجابة عن اسئلة الجماهير، وهو ما يدفع القسم الاكبر منهم الى الانكفاء، خاصة بعد تخلي الحريري في الانتخابات الأخيرة عن معظم صقوره وتسليم المقاعد النيابية الزرقاء الى "حمائم" تكرر مواقفه بصياغات جديدة تعتمد بمعظمها التبرير الذي لم يعد يقنع "المستقبليين" الذين يشهدون على تداعي مؤسسات الحريري الاعلاميّة، في وقت تقوم سياسات معظم الاحزاب على الاعلام كعنصر رئيسي لتعميم السياسات والترويج لها.

فهل تعوّض السلطة ومكاسبها والتحالفات الجديدة ما يفقده الحريري في الشارع والحزب، أم يتم سحب البساط من تحت قدميه تدريجيا ليجد نفسه في نهاية المطاف من دون سلطة ومن دون جمهور؟!.