لفت مدير ​المركز الكاثوليكي للإعلام​ الأب ​عبده أبو كسم​ في كلمة له خلال ندوة ​الحوار الوطني​ الدنماركي تحت عنوان: "دور ​الحوار الإسلامي المسيحي​ في تعزيز السلم الأهلي" إلى انه "يسعدني أن أشارك في لقاء الحوار العربي الدنماركي الّذي ينظم بالتعاون مع منتدى التنمية والثقافة والحوار، حول التعايش الإسلامي المسيحي، تحت عنوان:"دور الحوار الإسلامي المسيحي في تعزيز السلم الأهلي"، مؤكداً أن "ثقافة الحوار بين الأديان هي المرتكز الأساس لبناء جسور السلام بين الشعوب المتنوّعة ​الطوائف​ والأديان، وعمليّة الحوار هذه تبدأ إنطلاقاً من ما هو مشترك بينها، أي القيم الدينيّة والأخلاقيّة والإنسانيّة، الّتي يمكن أن تشكّل مادّةً أساسيّةً لعمليّة التلاقي، وتؤسّس لحوار بنّاء يخدم مجتمعاتنا وشعوبنا المتنوّعة بتنوّع طوائفها، فتضحي هذه الطوائف مصدر نعمة وغنى، يفتح مساحات واسعة للتلاقي في سبيل تعزيز هذه القيم ممّا يسهّل عمليّة الإندماج السلمي الرّاقي في مواجهة كل أشكال التعصّب الّذي يضرب، وللأسف، بعض المجتمعات والشعوب، ويعنى في نشر آفة الجهل والإنغلاق، والّتي تشكّل أرضاً خصبة لزرع بذور التطرّف و​الإرهاب​".

وتوجه إلى الحضور، بالقول "أيّها السّادة، إنّ أيّة عمليّة حوار تستوجب قناعة عميقة ونيّة صادقة، والحوار يعني التلاقي والتعرّف إلى الآخر المختلف والتفاعل معه، وبالتّالي فالتقارب يؤدّي إلى بناء الحوار الّذي من شأنه أن يؤسّس لبناء علاقات تساهم في إرساء الإستقرار في مجتمعاتنا المتنوّعة، أمّا التحدّيات الّتي تواجه عالم اليوم في عمليّة الحوار بين ​الديانات​ والثقافات، فهي كثيرة، منها ما يتعلّق بنشر ثقافة ​العنف​ والتعصّب الديني، وممارسة الإرهاب والتشجيع عليه، ومنها ما يتعلّق بإستغلال المجتمعات الفقيرة والطبقات الإجتماعيّة المعدومة، لرزع التفرقة بين شعوبها ومن هنا، فإنّ المحور الأساسي الّذي يجب أن نعمل عليه من أجل تشجيع عمليّة الحوار والسلم الأهلي، هو تعزيز ثقافة اللقاء، اللقاء مع الآخر، فكيف لي أن أحاور وأنا لا ألتقي به؟ وثقافة اللقاء هذه تفترض الإنفتاح على الآخرين، والثقة بهم، وقبولهم واحترام معتقداتهم وعاداتهم وتقاليدهم، والتفتيش عمّا هو مشترك معهم، فيأتي إذّاك اللقاء بهم مثمراً وبنّاءً".

وأشار إلى أن "عمليّة اللقاء والتواصل مع الآخرين، أصبحت اليوم عمليّة سهلة المنال من خلال ​شبكات التواصل الإجتماعي​ الّتي تشكّل ثورةً تقنيّةً، تقرّب المسافات بين الشعوب، وتجعل من عالم اليوم قريةً كونيّةً صغيرة، يجتمع في ساحتها كل شعوب الأرض، وعليه، يجب الإفادة من هذه الوسائل لنجعل منها منبراً للحوار بين ​الشباب​ ومكاناً للتلاقي في ساحاتها، حيث تبنى جسور الإلفة والمحبّة والإحترام والدّفع قدماً في سبيل تعزيز الكرامة الإنسانيّة، معرباً عن أسفه لـ"أن هناك من يستعمل هذه الوسائل لنشر بذور الفتنة والتفرقة والتعصّب، وفي بعض الأحيان التحريض على الإرهاب، وهذا ما يشكّل تحدّياً كبيراً لعمليّة الحوار والسلم الأهلي ويجب علينا جميعاً مكافحته ومحاربته بشتّى الطرق".

وأضاف أبو كسم "عمليّة تعزيز الحوار وإستثماره في بناء ثقافة السلام يجب برأيي أن تنطلق من خلال شباب اليوم، وإنطلاقاً منهم إلى كل ​العالم​، فإنّ دور الشباب مهم في عمليّة الحوار، ويسهم إسهاماً قوياً في نشر ثقافة اللقاء والحوار والسلام، فالشباب ثروة وثورة في آن، وطاقة منفتحة على كل الخيارات الإيجابيّة الّتي من شأنها أن تعزّز عمليّة التلاقي والسلم الأهلي"، مشيراً إلى ان "​لبنان​ الرسالة، كما سمّاه ​البابا​ القدّيس يوحنّا بولس الثّاني، يخوض تجربة الحوار والتلاقي منذ زمن بعيد، لا بل يعيش تجربة الوحدة في التنوّع، فعلينا جميعاً أن نسعى من خلال هذا المؤتمر إلى مزيد من التعارف والتلاقي، ونؤسّس لعلاقات متينة بين شبابنا، فهم ​المستقبل​ وأمل الغد، ومداميك الحوار وبناة السلام".