يقول المثل الشعبي: "إذا جنّ ربعك... عقلك ما بينفعك"... لكن على ضوء ما يحصل على الساحة ال​لبنان​ية، لا سيما لناحية الكميّات الهائلة من المعلومات غير الصحيحة، من الضروري أن يعمد كل مواطن إلى العودة إلى عقله، وبالتالي التدقيق في كل ما يصل إليه من أنباء، خصوصاً تلك التي يكون مصدرها مواقع التواصل الاجتماعي.

ضمن هذا السياق، يأتي الحديث عن قطاع النفط، الذي يراهن عليه ​اللبنانيون​، بعد أن تصدر المشهد، في الأيام الماضية، نتيجة جملة من المعطيات التي عرضت، أبرزها كان من الخبير البترولي نقولا سركيس، والتي كان من الضروري التدقيق بها، خصوصاً بعد أن تحولت إلى ما يشبه الأخذ والردّ بين سركيس نفسه وهيئة إدارة قطاع البترول، التي سعت إلى الردّ على ما يوجّه لها من انتقادات.

في بعض الأوساط السّياسية، سؤال مركزي يطرح حول الأسباب التي تقود إلى العرقلة أو التعطيل، عند اقتراب أيّ موعد يتعلّق بهذا القطاع الواعد، من دون أن تقدم أيّ جهة جواباَ شافياً، الأمر الذي يدفع إلى السؤال أين أصبح هذا الملف، لفهم تداعيات التصويب على ذراعه التنفيذية، أيّ الهيئة الناظمة.

قبل أيام، كشف الرئيس التنفيذي لشركة ​توتال​ الفرنسية باتريك بويانيه، عن موعد بدء الشركة بأعمال ​التنقيب​ على السواحل اللبنانية، موضحاً أن المسألة تتعلق بنقل المعدّات فقط، وان العمل سيبدأ بداية كانون الثاني كحد أقصى، مهما كانت الظروف، وهو ما أكّدته مصادر معنيّة، عبر "النشرة"، حيث أن منصّات الحفر موجودة حالياً في مصر، وفور الانتهاء من مهمّتها هناك سوف تُنقل إلى لبنان، وتبدأ بعملها في البلوك رقم 4، بغضّ النظر عن الأوضاع السّياسية السائدة في البلاد، وتضيف: "بعد بدء عملية الحفر، من المفترض أن تظهر النتائج في غضون شهرين"، وبالتالي معرفة ما يحتوي هذا البلوك من نفط وغاز.

في هذا السياق، يمكن الجزم بأن أي تأخير لن يصب في خانة ​الدولة اللبنانية​، لا سيما لناحية استهداف الهيئة بوقائع غير صحيحة، على طريقة "الشيطنة" المعتمدة، من خلال استغلال ما يحصل في الشارع، التي لن تقود إلى أي نتيجة، خصوصاً أن الملاحظات التي تقدم، لا سيما تلك التي يعرضها سركيس، سبق لها أن عرضت على مدى السنوات الماضية، ولم يتم الأخذ بها من قبل أيّ منظمة محليّة أو دوليّة أو أيّ خبير نفطي آخر، مع العلم أنّه شارك سابقاً في ورش عمل نظمت على هذا الصعيد.

في هذا الإطار، هناك من يحاول التصوير بأنّ تعيين أعضاء الهيئة تمّ بطريقة "ملتبسة"، لكن عملياً بالعودة إلى الخلف زمنيًّا بعض الشيء تظهر الآلية التي يمكن شرحها بشكل بسيط: بعد الانتهاء من التصفية التي قامت بها وزارة الدولة لشؤون التنمية الإداريّة، تمّ تشكيل لجنة تضمّ وزير ​الطاقة​ و​المياه​ ونائب حاكم ​مصرف لبنان​ ​رائد شرف الدين​ ورئيس ​مجلس الخدمة المدنية​ ​خالد قباني​، تولت رفع الأسماء إلى ​مجلس الوزراء​ الذي عيّن أعضاء الهيئة: ​وسام الذهبي​، ​ناصر حطيط​، عاصم بو ابراهيم، ​وسام شباط​، ​وليد نصر​ وغابي دعبول.

منذ ذلك الوقت، قامت الهيئة بما هو مطلوب من أعمال على مدى سنوات، على مستوى تحضير الأرضيّة لإطلاق دورة التراخيص والخطوات اللاحقة، وهو ما أدّى إلى إقتراب موعد أعمال الحفر المقرّر خلال الشهرين المقبلين.

وبعيداً عن هذه النقطة، التي قد تُفسر على أساس أنها دفاع عن أعضاء الهيئة الحاليين، من الضروري التطرّق إلى النقاط التي تُثار على نطاق واسع، لمعرفة مدى دقّتها من الناحيتين العمليّة والقانونيّة، والتي سيتمّ تناولها في تقريرين لاحقين.