ما إن وصلت الرسالة الأمنية الى ​طرابلس​ يوم الخميس الفائت حتى نزلت مجموعات الى شوارع عاصمة ​الشمال​ مساء اليوم عينه للتضامن مع ​الجيش​ ولمحاولة طي صفحة الإعتداءات التي شهدتها ​منطقة البداوي​ فجراً، والتي أدّت الى توجيه رسالة أمنية شديدة اللهجة. رسالة مفادها، أن ما حصل في البداوي من كمين بالحجارة وقنابل المولوتوف إستهدف دوريّة للجيش عند ​الساعة​ الثالثة فجراً، ممنوع أن يتكرر ثانية.

المصادر الأمنيّة المتابعة تعتبر أن ما حصل في المنطقة المذكورة هو كمين من دون سلاح، لماذا إستعمال كلمة كمين؟ الجواب لأنه حصل عند الثالثة فجراً وفي وقت كانت التحركات الإحتجاجيّة فيه قد هدأت في عاصمة الشمال وتحديداً تلك الحاشدة التي شهدتها منطقة ​الميناء​ ليل الأربعاء.

وفي التفاصيل، تكشف المصادر الأمنية أنه "وخلال مرور دورية للجيش في محلة البداوي وتحديداً أمام محل تصليح الإطارات الذي يملكه ​عامر أريش​، وهو قائد سابق لمحور البداوي أيام جولات القتال، إعترضتها مجموعة من الشبان ورشقت عناصرها بالحجارة وبقنابل المولوتوف ما أدى الى جرح عسكريين. المجموعة عينها إعتدت على نقطة تفتيش ثابتة للجيش في المنطقة، الأمر الذي أجبر العسكريين على إطلاق الرصاص المطاطي لتفرقة أفراد المجموعة، وبعدها الى إطلاق الرصاص الحي في الهواء. وبنتيجة هذا الحادث، سقط عدد من الجرحى بين عسكريين و​مدنيين​، والإصابة الأخطر أدت الى بتر أصابع يد أحد العسكريين".

"أخطر ما في الأمر"، تتابع المصادر الأمنية، "هو ما أظهرته حصيلة هذا الحادث إن لناحية الجرحى وإن لناحية التوقيفات. فعلى صعيد الجرحى المدنيين الذين سقطوا بين أفراد المجموعة، هناك سوري نقل الى أحد ​مستشفيات​ طرابلس، وعلى صعيد الموقوفين الذين ألقى الجيش القبض عليهم وأحالهم الى ​مديرية المخابرات​ للتحقيق معهم، تبين أن هناك أربعة موقوفين من غير اللبنانيين، إثنان من التابعية السوريّة، وإثنان آخران من ​الفلسطينيين​، وهذا ما يطرح الكثير من الأسئلة حول خلفيّة مشاركة هؤلاء في بعض التحركات التي تتطور فيها الإحتجاجات الى إعتداءات مشبوهة على عناصر و​ضباط الجيش​ كما حصل في حادث البدّاوي.

نعم الرسالة وصلت الى جميع المعنيين في الشمال، من سياسيين و"ثوار" ومجموعات مدنيّة، وقادة سابقين للمحاور، ممنوع إعادة عقارب الساعة الى الوراء في طرابلس، والمقصود هنا، ممنوع منعاً باتاً العودة الى زمن القتال الذي أضطرّ فيه العسكريون الى الدخول بملابس مدنيّة الى مراكز خدمتهم التي تقع ضمن نطاق المدينة، خوفاً من إستهدافهم والإعتداء عليهم، وممنوع أيضاً كسر هيبة المؤسسة العسكريّة وإستغلال المطالب المعيشيّة لتحويل المعركة ضد الجيش.

إذاً، حصل الجيش على الغطاء اللازم بالتصدّي لأيّ تحرك مشبوه يتعرّض لعناصره وضبّاطه ودورياته. غطاء، حضر أيضاً في جلسات الحكومة، ومن على طاولتها، كان الكلام واضحاً، ممنوع اللعب مع الجيش، لا في طرابلس، ولا في أي منطقة أخرى، حقّ التظاهر مقدّس، ولكن الإعتداء على الجيش سيكون مكلفاً على أصحابه والردّ عليه لن يكون إلا بالضرب بيد من حديد.