من الطبيعي أن تكون مدينة طرابلس هي أكثر المناطق اللبنانية تأثراً بالأوضاع الإقتصادية والإجتماعية القائمة في البلاد، بسبب الظروف التي تعاني منها منذ ما قبل الأزمة الحالية، لكن ما هو غير طبيعي أن تترك لمواجهة مجموعات من "الزعران" الذين يعبثون بأمنها، لدرجة دفعت رئيس بلديتها رياض يمق إلى الطلبمنالجيشوالقوىالأمنيةفرضحظرالتجولفيساعاتمعيّنة اذااقتضىالأمر.

في هذا السياق، تشير مصادر طرابلسية، عبر "النشرة"، إلى أنه في ساعات الليل تخرج المدينة عن السيطرة بشكل شبه كامل، حيث تستغل مجموعات "الزعران" عدم توفر التيار الكهربائي في معظم أحياء المدينة، لتمارس كل أنواع الترهيب بحق أبناء عاصمة الشمال، سواء كان ذلك من خلال عمليات إطلاق النار ورمي القنابل أو السرقات، في مشهد يوحي بأن المطلوب منهم عدم مغادرة منازلهم بعد غياب الشمس.

وتلفت هذه المصادر إلى أن المدينة تشهد غياب مختلف الأجهزة الأمنية، باستثناء الجيش اللبناني، لكنها تؤكد أن المؤسسة العسكرية غير قادرة على ضبط الأمن وحدها، لأن المطلوب مجهود مضاعف لتفادي ما هو أسوأ في المرحلة المقبلة، خصوصاً أن ما يحصل يأتي ضمن مخطّط منظم على ما يبدو، وتسأل: "هل هناك من عاقل يصدق أنّ عمليات إطلاق النار أو رمي القنابل تحصل بقرار فردي، مع العلم أن التكلفة كبيرة جداً".

أمام هذا الواقع، طغت في الساعات الماضية الدعوات إلى الأمن البديل، أي الأمن الذاتي، إلا أن بعض الأشخاص الذين شاركوا في هذه الدعوات أصروا على عبارة البديل، نظراً إلى أن المطروح سببه غياب الأجهزة الأمنية الشرعية عن المشهد الطرابلسي، وسط تأكيدات بأنهم قادرون على معالجة هذه المشكلة خلال 24 ساعة فقط.

حول هذا الموضوع، تشير المصادر نفسها إلى أن المطروح هو تأمين الأمن لأبناء المدينة، لأنّ ما حصل لا يمكن أن يستمر إلى ما لا نهاية، وتذكر بأنّ أبناء طرابلس نجحوا في تحقيق مهمة مشابهة في الماضي، لدى مواجهتهم أزمة نقل النفايات إلى المدينة، وتضيف: "الأمر نفسه من الممكن أن يتكرر اليوم، عبر حماية أبناء الأحياء لها، وبالتالي تفادي الإنزلاق أكثر نحو المجهول".

من جانبه، يؤكد يمق، في حديث لـ"النشرة"، أن المسؤولين يعرفون بدقة حقيقة ما يحصل في عاصمة الشمال من فلتان أمني، وطالب الجميع بتحمل مسؤولياتهم لا أن ترمى المسؤولية فقط على البلدية، نظراً إلى أنها غير قادرة على معالجة الكثير من الأزمات الكبيرة، ويعطي مثالاً على ذلك فقدان المحروقات، حيث في القرى الصغيرة من الممكن أن تقوم البلدية بالأمر، لكن في مدينة كبيرة هذا أمر مستحيل.

ويكشف يمق عن تواصل حصل معه، بعد المؤتمر الصحافي الذي عقده، لكنه يشير إلى أن المطلوب أكثر من ذلك، ويلفت إلى أنه في طور إرسال كتاب رسمي إلى وزارة الداخلية والبلديات لعرض كامل المشكلة، سيتضمنه طلب الإعلان عن فرض حظرتجولفيساعات معينة، إلا أنه يشدد على رفضه نظرية الأمن البديل.

من وجهة نظر يمق، هذا الأمر غير ممكن في طرابلس بأي شكل من الأشكال، حيث من المحتمل أن يكون بوابة لفوضى أكبر من الحالية، إلا أنه في المقابل يؤكد أن ما يحصل لا يمكن أن يعبر عن حالة فلتان أمني فقط بل هو أبعد من ذلك، لكنه يشدد على أن المدينة تعبت جداً ولا يمكن أن تكون مسرحاً لتبادل الرسائل من جديد، ويسأل: "لماذا يكتب على طرابلس دائما دفع الثمن؟ وهل المقصود تحويلها إلى مدينة خارجة عن القانون تنفيذاً لأجندات خارجية"؟.