يمرّ شهرٌ تلو الآخر والنافعة لا تزال مشلولة بجميع مراكزها.

صحيح أن التوقيفات التي نُفّذت بعدما فتحت المحامية العامة الإستئنافية في جبل لبنان القاضية نازك الخطيب ملفّ الفساد فيها على مصراعيه، قد فعلت فعلها لناحية شلّ ​هيئة إدارة السير​ و​مصلحة تسجيل السيارات​، لكن الصحيح أيضاً هو أن هذه التوقيفات التي أدّت الى سجن أكثرية المدراء ورؤساء المصالح والمستخدمين ومعقّبي المعاملات، لم تكن السبب الوحيد الذي أدّى الى تعطيل هذا المرفق العام بل هي واحدة من سلسلة أسباب.

السبب الأول هو الإضراب الذي بدأته في أوائل شباط الجاري رابطة موظّفي النافعة. والسبب الثاني تقول مصادر متابعة للملف، يعود الى عدم وجود مراقب لعقد النفقات بعد توقيف المراقب السابق ع. ا. بإشارة من القاضية الخطيب.

مجلس الإدارة في النافعة حاول تعيين رئيسة الدائرة الإدارية جوسلين ندّور كمراقب لعقد النفقات غير أن الأخيرة إعتذرت وطلبت إعفاءها من هذه المهمة وهذا حقّ من حقّوقها القانونيّة. بعدها عيّن مجلس الإدارة كميل اليازجي مراقباً لعقد النفقات، ولكن ما إن إنتهى من هذه المشكلة حتى واجه المجلس مشكلة ثالثة تمثلت بتواري المحاسب في هيئة إدارة السير ح. ن. عن الانظار بعد إستدعائه الى التحقيق من قبل ​شعبة المعلومات​ في قوى الأمن الداخلي التي تحقّق بملفّ فساد النافعة، ومن دون وجود محاسب، لا يمكن أن يتقاضى المستخدمون مستحقّاتهم الماليّة التي لم يحصلوا عليها منذ حوالى خمسة أشهر. لذلك تدرس الإدارة الجديدة في النافعة كيفيّة تعيين محاسب جديد بدلاً من المتواري عن الأنظار لعدم تعطيل المرفق العام.

أضف الى كل هذه الأسباب، تعاني النافعة الأمرّين لأنّ الأكثريّة الساحقة من الموظّفين في الدكوانه والأوزاعي وجونية لا تزال موقوفة بإشارة من القضاء، ومن أُخلي سبيله من بين الموظّفين، لا يمكنه العودة الى عمله راهناً تطبيقاً لما نصّت عليه حرفياً قرارات إخلاء السبيل. أما مالياً فلا موازنة لهيئة إدارة السير منذ سنوات، كما أنّ إحتمال إعطائها السلف من قبل حكومة تصريف الأعمال غير واردة، الأمر الذي يجعلها عاجزةً عن الإستمرار.

لكل ما تقدم، على اللبنانيين أن يعرفوا تماماً أنّ كل المعاملات التي كانت تُنجز في النافعة لم تعد متوفّرة اليوم وسيبقى الوضع على هذه الحال حتى إشعار آخر، فلا معاملة رخص السير الجديدة ممكن إنجازها وكذلك الأمر بالنسبة الى معاملة تسجيل أيّ سيارة مُباعة، لذلك من الضروري جداً أن يدعو وزير الداخلية والبلديات ​بسام المولوي​ وبسرعة الى إجتماع مع محافظ بيروت ​مروان عبود​ كرئيس مكلّف لهيئة إدارة السير والعقيد علي طه كرئيس بالتكليف لرئيس مصلحة تسجيل السيارات، ووليد درويش كرئيس لدائرة تسجيل السيارات، كل ذلك بهدف التوصّل الى وضع خطّة جديدة تعيد هذا المرفق العام الى العمل آخذين بعين الإعتبار أن العقد مع شركة inkript التي تتولى طبع رخص السير ودفاتر السيارات ولوحاتها البيومترية ينتهي في أيلول المقبل، أضف الى أن مراكز ​المعاينة الميكانيكية​ باتت مقفلة بعد إنتهاء عقد الشركة المشغلة، ومن دون أن يكون هناك في الأفق أي بصيص أمل بإجراء مناقصة جديدة لتكليف شركة بتشغيل مراكز المعاينة.