منذ تاريخ الإعلان الإتفاق السعودي الإيراني في بكين، لم تتوقف التحليلات التي تتناول تداعيات هذا التطور على ​الإستحقاق الرئاسي​ اللبناني، على وقع حالة الإستعصاء القائمة على المستوى الداخلي، بسبب عدم توفر أي رغبة لدى معظم الأفرقاء بالذهاب إلى حوار جدي، يقود إلى إنتخاب الرئيس المقبل.

بالنسبة إلى مؤيدي رئيس تيار "المردة" النائب السابق ​سليمان فرنجية​، فإن ما يحصل على المستوى الإقليمي يصب في صالحه، على عكس ما هو الحال بالنسبة إلى معارضي ترشيحه، الذين يتحدثون بإستمرار عن مجموعة من العقبات التي يصطدم بها، التي تبدأ من الموقف السعودي ولا تنتهي عند موقف غالبية القوى المسيحية.

في هذا السياق، تشير مصادر سياسية متابعة، عبر "النشرة"، إلى أن الواقع الداخلي لا يسمح بإنتاج أي تسوية، لا بل ان من يراقب التطورات المحلية، بمعزل عما يجري في المحيط الإقليمي، يظن أن الأمور ذاهبة إلى المزيد من التصعيد، الذي قد يصل إلى الإنفجار، في المرحلة المقبلة، على إعتبار أن كل فريق يتمسك بشروطه المعلنة رافضاً أي تراجع عنها.

من وجهة هذه المصادر، هذا الواقع لا يعكس حقيقة الأمور، نظراً إلى أن لبنان، الذي يتأثر بمختلف التطورات الخارجية، لا يمكن أن يكون متجهاً نحو الصدام في الوقت الذي يتجه فيه غالبية الأفرقاء الخارجيين المؤثرين نحو التهدئة، بدليل التطورات المتسارعة على الخط السعودي الإيراني، والتي كان اخرها ما تم الإعلان عنه، بعد إجتماع وزيري خارجية البلدين حسين أمير عبد اللهيان وفيصل بن فرحان في بكين.

حتى الآن، لا يبدو أن المسار القائم بين ​الرياض​ و​طهران​ قادر على إنتاج تسوية سريعة في لبنان، حيث غالبية المؤشرات تؤشر أن العلاقة بينهما لم تصل إلى مرحلة البحث في الملفات الإقليمية العالقة بينهما، وبالتالي أي تطورات إيجابية لا تزال تحتاج إلى المزيد من الوقت، لكن في المقابل هذا لا يلغي أهمية التطورات الأخرى المتعلقة بالملف اللبناني.

في هذا الإطار، تؤكد المصادر السياسية المتابعة أن ما يمكن الحديث عنه هو وجود حراك خارجي جدي، أكثر من أي وقت مضى، حول الإستحقاق الرئاسي، بدليل الزيارة التي قام بها رئيس تيار "المردة" إلى ​فرنسا​، بدعوة من باريس، التي سبقت زيارة وزير الدولة في وزارة الخارجية القطرية محمد عبد العزيز الخليفي إلى بيروت، والتي جاءت بالتزامن مع فرض ​وزارة الخزانة الأميركية​ عقوبات على كل من تيدي وريمون رحمة.

وفي حين تتحدث العديد من الأوساط عن خلافات بين الجهات الخارجية المعنية بالملف المحلي، لا توافق هذه المصادر على هذا التقييم لما يحصل من تطورات، حيث تشير إلى أن هناك قناعة مشتركة عند تلك الجهات بعدم قدرة لبنان على تحمل المزيد من التأخير في إنهاء الشغور الرئاسي، بالتزامن مع الحرص على عدم الوصول إلى أي مس بالإستقرار الأمني، وبالتالي تحت هذا السقف تأتي الخطوات المتعددة المصادر.

في المحصلة، تجزم المعلومات أنه في ظل غياب الحلول المحلية، فإن المنتظر هو ما قد يأتي من الخارج من تطورات، مع التشديد على أن لديه العديد من الأدوات التي من الممكن أن يلجأ إليها، من الإغراء بالمساعدات، الذي يمثل خيار "الجزرة" التي ترمى إلى المعنيين في لبنان، إلى التهويل بالعقوبات، الذي يمثل خيار "العصا" التي ترفع بوجه هؤلاء المعنيين، مع تشديدها على أن الحسم، بحسب المعطيات الحالية، لم يعد بعيداً.