مع إنهاء سفراء المجموعة الخماسيّة المرحلة الأولى من جولتهم على المسؤولين والقيادات السّياسيّة والمرجعيّات الدّينيّة والكتل النّيابيّة، وسَفر بعضهم لقضاء عطلة الأعياد في بلدانهم، أشار أحد اعضاء تكتّل "الاعتدال الوطني" لصحيفة "الجمهورية"، إلى أنّ "خلافاً للانطباع السائد، فإنّ مبادرة التكتل الرئاسية ما تزال على حيويتها وحضورها، وهي ستشهد تزخيماً كبيراً بعد الاعياد، وبعد ان يكون التكتل قد تلقّى من بعض الكتل النيابية أجوبتها على هذه المبادرة؛ التي استمهلته بعض الوقت لإعدادها".

اجتماع بكركي

على صعيد متّصل بالاستحقاق الرئاسي، أفادت "الجمهورية"، بأنّه "عُقد في الرابعة عصر امس، اجتماع مسيحي في بكركي، بحثَ في وثيقة شارك في إعدادها ممثلون عن مختلف الكتل والأفرقاء المسيحيين باستثناء تيار "المردة".

ولفتت مصادر شاركت في الاجتماع وكانت على اطلاع واسع على ما سبقه من تحضيرات، لـ"الجمهورية"، إلى انّ "اللجنة ما زالت في بداية مهمتها، وانّ اجتماع الأمس هو الثاني لها بعد لقاء تمهيدي عقد الأسبوع الماضي، في بداية مشوار قد يكون طويلا اكثر مما لا يتوقعه أي انسان".

وركّزت على أن "الحديث عن "وثيقة تاريخية" تحدد مواقف الاحزاب المسيحية، سابق لأوانه، لا بل هي مجرد اوهام تُعطي ما جرى حتى اليوم اهمية تفوق ما تحقق. فالورقة التي انطلق منها البحث، جَمعت عناوين وطنية شتّى تلتقي حولها اكثرية لبنانية، وتعارضها اقلية محدودة لا تتوافق واكثرية اللبنانيين، ذلك أنها تشكل لائحة طويلة من معاناة اللبنانيين جميعاً، ولا تقف عند حدود ما يُسمّى "المصالح المسيحية"؛ لأنها في شكلها ومضمونها تتعدى هذه الملاحظات الضيقة".

وأكّدت المصادر أنّ "الوقت لن يطول ليتبيّن انّ ما تم تسريبه من مواقف وسيناريوهات ضَجّت بها مقدمات نشرات الاخبار، لا يستأهِل هذا الضجيج حتى اليوم"، محذّرةً من "إعطاء الورقة والمناقشات اكبر من اهميتها وما تحتمله، ذلك انّ مقاربة العناوين فيها قد تستغرق وقتا طويلا ومسلسلا من الاجتماعات، فما الذي يمكن تَركه الى نهايتها ان امتدّت الى عشرات الاجتماعات في الفترة المقبلة، من دون إغفال وجود مَن يحاول الاستثمار في المكان الخطأ؛ وأنّ الوقت لن يطول لاكتشاف هذه الرواية كاملة".

واعتبرت أنّ "غياب من يمثّل تيار "المردة" في الجلسة الاولى للجنة، لا يستأهِل الضجيج الذي رافق الترويج بمقاطعة "المردة" للاجتماع، وما تريده اللجنة من اعمالها التي لم تقلع بعد. وإنّ ممثّل حزب "الوطنيين الأحرار" الذي اعتذر عن حضور الاجتماع الأول لأسباب طارئة، قد شارك في اجتماع الأمس، ولا شيء يمنع من مشاركة "المردة" في اللقاء المقبل او الذي يليه".

كما كشفت معلومات "الجمهورية"، أنّ "اجتماعات بكركي جاءت نتيجة المساعي التي قام بها المطران انطوان بونجم بتكليف من البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، الذي عمل طوال الاشهر الثلاثة الماضية مع الاحزاب في محاولة لإيجاد قواسم مشتركة فيما بينها. وواصَل جولته بعيداً عن الاضواء، وتمّ بنتيجتها تشكيل لجنة مصغرة، بدأت تضع نقاط التقاطع المشتركة مع القوى السياسية اللبنانية، للوصول الى خريطة طريق او تصور يوافق عليه جميع اللبنانيين؛ ويكون منطلق الرئيس المقبل بعد ان يتم انتخابه على اساسه".

وأوضحت مصادر مطلعة للصيحفة، أنّ "كل فريق طرح في الاجتماع الاول ملاحظاته ومطالبه على الطاولة، وتحولت المطالب وثيقة أعَدّها بونجم، ثم نُقّحت على ان تُبحَث وتوضع في صيغتها النهائية"، مبيّنةً أنّ "بنود هذه الصيغة أصبحت جاهزة، وحصل تقارب بنسبة 90 في المئة بين الافكار التي ليست بعيدة عن ورقة حزب "القوات اللبنانية" و"التيار الوطكني الحر"، لكنها تحتاج الى صياغة وتصور نهائي".

وذكرت أن "موضوع سلاح "حزب الله" شكّل العقبة الاساسية وأخذ حيزا كبيرا من النقاش، في محاولة للخروج بموقف واضح وسيادي حياله، ولذلك بقيت الوثيقة في حاجة الى مزيد من الدرس".

اجتماع بكركي... استعجال فاتيكاني للخروج بورقة تواكب "خماسية باريس"

في السّياق، أشارت صحيفة "الديار"، إلى أنّ "من الواضح أنّ اجتماع "الخماسي السياسي المسيحي" في بكركي، جاء نتيجة المساعي التي قام بها المطران انطوان بونجم بتكليف من البطريرك الراعي، الذي عمل طوال الاشهر الثلاثة الماضية بعيدا عن الاعلام مع الاحزاب، في محاولة لايجاد قواسم مشتركة بينها، تحت اشراف حاضرة الفاتيكان، حيث وضعت نقاط التقاطع المشتركة مع القوى السياسية اللبنانية، للوصول الى خريطة طريق او تصور يوافق عليه كل اللبنانيين".

وأكّدت اوساط روحية للصحيفة، أنّ "اجتماع الامس في الصرح جاء بعد استعجال فاتيكاني والمعنيين الخارجيين بالملف اللبناني، للخروج بورقة تواكب حركة "خماسية باريس"، التي علقت زياراتها الى حين تسلمها نسخة من الموقف المسيحي الموحد، الذي اتخذ تيار "المردة" قرارا بالتغريد خارج سربه، رغم تلميح مقربين من بنشعي ان الاخيرة لن تقف في وجه المصلحة المسيحية العليا؛ وان فرنجية طرح منذ البداية الحوار والنقاش كوسيلة للخروج من الازمة".

وأفاد مصدر دبلوماسي لـ"الديار"، بأنّ "سفراء "الخماسية" الذين تقاطعوا مع ما سمعوه في بكركي ومعراب، والى حد كبير في الرابية، تمنوا على البطريرك الماروني امكان تحقيق اجماع مسيحي حول الملف الرئاسي، ما يسهل الحركة الدولية الناشطة لانجاز انتخاب رئيس جديد للجمهورية، متمنين حصول ذلك خلال الفترة الفاصلة عن الاعياد، وطارحين اكثر من صيغة من بينها الاتفاق على وثيقة واحدة".

وركّز على أنّ "مواقف القوى المسيحية تجمع اليوم على ان ما يحصل، يضر بالمصالح المسيحية العليا وبوجودهم في لبنان، كما بوجود الكيان اللبناني، في حال استمرار الشغور وما تسبب به من نتائج، وهو ما يقلق الغرب بشكل عام. من هنا الضغوط على اكثر من خط من اجل جمع القوى المسيحية، وتأمين اجماع بالحد الادنى فيما بينها، بعدما نجحت حتى الساعة في تقاطع مصالحها على تعطيل وصول رئيس لا يحظى بوزن مسيحي وازن".

ولفت المصدر إلى أن "الصرح البطريكي يذكر دائما بانه غير راض عن اداء الأفرقاء السياسيين المسيحيين، إذ يعمد الكثيرون الى استفادة من الخلافات لقضم المزيد من الصلاحيات والادوار المعطاة للمسيحيين"، كاشفًا في هذا المجال عن "نقطتين اساسيتين يثثيران قلق ونقمة بكركي:

- الاولى: تتمثل بحلف ثلاثي قائم بين السراي- عين التينة- المختارة، يتحكم بمفاصل الدولة وبالسلطة التنفيذية، حيث تتخذ حكومة تصريف الاعمال سلسلة من القرارات والتدابير، التي تضرب منطق "الشراكة" والعيش المشترك، غير آبهة بموقف الكنيسة، عازية السبب الى المقاطعة المسيحية وهو امر يجافي الحقائق، رغم ان رئيس حكومة تصريف الاعمال وعد اكثر من مرة بعدم تخطي الحدود الضيقة لتصريف الاعمال واتخاذ قرارات؛ او تغطية امور لها تداعيات على "الشراكة" الوطنية.

- الثانية: غضب في بكركي على رئيس مجلس النواب ومن خلفه الثنائي، الذي يتخذ رئاسة الجمهورية رهينة لمصالح اكبر من لبنان، ومرتبطة بتوازنات وتسويات كبيرة في المنطقة، حيث ملف الانتخابات اداة للمساومة، والاخطر سعي عين التينة لارساء سوابق كفيلة في حال تحولت الى اعراف لضرب ميثاقية الدولة، وطبيعة النظام الديمقراطي، ومنها على سبيل المثال مسألة اشتراط الحوار والاتفاق قبل الدعوة لجلسة انتخاب؛ وهو ما لا يمكن القبول به".