أحيت بلدة عجلتون ذكرى مئوية ولادة الشاعر والمفكر منصور الرحباني باحتفال مميّز أقيم في رحاب المدرسة الأنطونية والمركز الثقافي، بمشاركة نخبة من المفكرين والإعلاميين، إلى جانب حشد من أبناء البلدة والمناطق المجاورة، الذين تجمّعوا لتكريم أحد أعمدة الفن والثقافة اللبنانية والعربية.

افتُتح الحفل بكلمة ألقاها الأستاذ إيلي صفير، مسؤول المركز الثقافي في عجلتون، مشدداً على دور الثقافة في الحفاظ على هوية الشعوب. تلاه الشيخ كلوفيس الخازن، رئيس بلدية عجلتون، بكلمة ترحيبية حيّا فيها الحضور وأكد على أهمية استذكار رموز الوطن الذين صنعوا مجده الثقافي.

تضمّن اليوم الأول ندوة فكرية مميزة أدارها الدكتور مارك أبو عبدالله، واستضاف خلالها الدكتور نبيل أبو مراد والأستاذ نقولا دانيال، حيث تناولا معاً محطتين أساسيتين في مسيرة منصور الرحباني: مرحلة الأخوين رحباني، ومرحلة ما بعد رحيل عاصي، أي حقبة منصور المنفردة. وقد تميّز الحوار بغناه وتحليله العميق لمسيرة منصور، فكراً وشعراً ومسرحاً.

تخلّل الحفل عرض فني راقٍ قدّمه طلاب المدرسة الأنطونية، تضمّن رقصاً تعبيرياً على أنغام مختارة من أعمال الرحابنة: غريبين وليل، بصباح الألف الثالث، ولمعت أبواق الثورة من أعمال منصور الرحباني و"سألوني الناس" من أعمال الأخوين رحباني. وقد أبدع الطلاب في الأداء والغناء، فأعادوا إلى الذاكرة لحظات من وهج الرحابنة.

في فقرة لاحقة، قدّم الدكتور ناجي قزيلي قراءة فلسفية فريدة لأعمال منصور الرحباني، مسلطاً الضوء على الروابط الفكرية بين شعره وأعمال كبار المفكرين والأدباء العالميين، ليؤكد أن فكر منصور يتجاوز الحدود، ويخاطب الإنسان في جوهره.

أما ختام الندوة، فكان مع الشاعر هنري زغيب، الذي قدّم مداخلة حول تقنية الشعر عند منصور الرحباني، مبرزاً فرادة أسلوبه وجمالية تراكيبه، ومكانته في فضاء الشعر العربي الحديث.

واختُتم اليوم بزراعة أرزة في الباحة الخارجية، حملت اسم “أرزة الأخوين رحباني”، تخليداً لذكراهما، ثم شرب الحضور نخب الاحتفال في جو من الفرح الممزوج بالعرفان.

وفي اليوم التالي، عرض المركز الثقافي فيلم “بنت الحارس”، أحد أبرز أعمال الرحابنة، حيث قدّم الأستاذ إيلي صفير قراءة فلسفية لوضع الفيلم في إطاره الثقافي والإنساني العالمي. تلا العرض حوار مفتوح مع الجمهور حول دلالات الفيلم الفنية والاجتماعية، فاختتمت المناسبة على وقع فكرٍ حيّ لا يزال ينبض بالحياة.