يومًا بعد يوم، تتكشف تداعيات الشتاء الجاف الذي مرّ على لبنان العام الماضي، فنقص المياه الحاد الذي يعاني منه الشعب اللبناني في كل المناطق لم ينته بعد، ولكنّ الجديد هو ما ظهر في ​بحيرة القرعون​ نتيجة هبوط منسوب نهر الليطاني وبالتالي هبوط مستوى المياه فيها.

بعد أن وصل مستوى المياه في بحيرة القرعون إلى مرحلة لم يسبق له أن وصل إليها منذ بناء السد، ظهر جسر اثري يسمى جسر "البريمو" بالاضافة الى مطحنة اثرية، يعود بناؤهما الى العام 1800 ميلادي على أيدي رهبان دير مار تقلا.

تقاعد الجسر ومعه المطحنة عندما أنشئت بحيرة القرعون منذ حوالي الـ 50 سنة فغمرتهما المياه ولم يظهرا منذ ذلك الوقت، علما أنّ الجسر كان يربط قرى البقاع الغربي بقرى البقاع الشرقي وكان المعبر الوحيد في المنطقة.

إن هذا المنظر الجميل رغم ان اسباب ظهوره بشعة، قد لا يتكرر ربما الا بعد خمسين سنة او اكثر في حال اتت سنة جافة على لبنان كهذه السنة، والمدهش في الامر هو ان الجسر الذي قبع تحت الماء خمسين عاما لا يزال صالحا للاستعمال، وهذا بمقابل الجسور الحديثة التي تُبنى بسرعة وتخرب بعد سنوات قليلة.

تم بناء هذا الجسر حسب وكيل دير القديسة تقلا الاب سالم الفرح ما بين عامي 1760 و1800 ميلادي على ايدي رهبان دير مار تقلا وهو موجود في ارض الدير، ويوضح في حديث لـ"النشرة" أنّ "غاية هذا الجسر كانت وصل قرى البقاع الغربي بقرى البقاع الشرقي". ويقول الفرح: " بعد بناء السد عام 1959، هذه المرة الاولى التي يظهر فيها الجسر كاملا ومن خلاله نستطيع العبور من جهة لاخرى، وهذا الجسر كان يستعمل للتجارة وقضاء الحاجات بين كافة قرى البقاع، كما تم في نفس التاريخ بناء المطحنة المؤلفة من ستة اجران، كل جرن فيها كان يحتوي على 20 قنطار طحين وكانت الوحيدة في المنطقة ويستعملها كافة ابناء القرى في حينها".

ومن جهته، يناشد المواطن شربل مارون الدولة ترميم الجسر والمطحنة للاستفادة من هذا الجسر الاثري حتى لو كان الماء سيغمره مجددا، داعيا في حديث لـ"النشرة" لتصنيفه جسرا اثريا لما له من رمزية مهمة، وبهدف استقطاب السواح لهذه المنطقة المحرومة من كل شىء.

ويضيف: "نحن الان امام مشهد لا يتكرر وياتي المواطنون يوميا لمشاهدة هذا الجسر والمطحنة".

يبدو أنّ للجفاف ايجابيات احيانًا ولو أنها قليلة جدا قياسا بسلبياته، الا ان ظهور هذا الجسر الذي كان يربط قرى البقاعين الغربي والشرقي مجددا في بحيرة القرعون وفي هذا الوقت تحديدا، له دلالاته الماورائية ربما اذ نحن احوج ما نكون اليوم لوجود جسور تربط مناطق لبنان وتشكل وسيلة تواصل بين اللبنانيين وخصوصا في منطقة البقاع.