أكد وزير الخارجية الفرنسي الأسبق دومينيك دوفيلبان أن التحدي حالياً يتمثل في إيجاد استراتيجية سياسية لمحاربة التطرف برؤية طويلة المدى تستند إلى دعم عسكري، لافتا الى أن "خيار التدخل ليس هو الخيار الوحيد لأنه من الممكن خنق تنظيم داعش سياسياً".
ورأى دوفيلبان في حديث لصحيفة "البيان" الاماراتية، أن الوصول إلى طريق مسدود للأزمة السورية تحقق بالفعل، وأن المجتمع العالمي يظهر العجز في تقديم الحلول، مشدداً على ضرورة إعطاء دور أكبر للعمل الدبلوماسي في حل القضية السورية وتوفير الظروف من أجل القضاء على تنظيم داعش.
ودعا إلى أن تستعيد فرنسا دورها في الوساطة الدولية، مضيفاً أن "حل الأزمة السورية يبدأ من خلال الحوار مع نظام بشار الأسد، دون أن يفوته التأكيد على ضرورة أن يتنحى الأسد عن السلطة".
وانتقد السياسات الغربية في الشرق الأوسط، معتبراً أنها ساهمت في بروز تنظيم داعش، معتبرا أن مواجهة التنظيمات لا تقع على عاتق الدول الغربية بل الدول العربية، مطالباً بتبني استراتيجية فعّالة لمحاصرة التنظيم ومنع تقدمه عبر دعم قدرات كردستان في العراق، والجيش الحر في سوريا، مضيفا:"أن خيار التدخل ليس هو الخيار الوحيد لأنه من الممكن خنق تنظيم داعش سياسياً".
وحذر دوفيلبان من أن يقوم الغرب بشن حروب جديدة تحت ذريعة الإرهاب، لأن ذلك يعد كمن "يصب الزيت على النار"، وستساهم هذه الحروب إن بدأت بظهور تنظيمات جديدة أشد تطرفاً، قائلا:"إن الحرب على الإرهاب ليست من دور الفرنسيين ولا من مهامهم، وإنما نحن صناع سلام ووسطاء وباحثون عن الحوار"، مشددا على ضرورة مواجهة الفكر المتطرف وتحصين المجتمع وإعداد المشاريع التي تقوّض مخططات الإرهابيين من خلال تفعيل التنسيق والمشاركة بين المراكز المتخصصة في مجال مكافحة الإرهاب.
وقال إن محاربة التطرف مسؤولية جماعية لا ينبغي، بأي حال من الأحوال، أن تكون رهينة حسابات أو مزايدات ضيقة، مضيفاً أن "محاربة هذه الآفة، يجب أن تقوم على توافر إرادة جماعية قوية، وعلى التنسيق والتعاون الثنائي والإقليمي في القيام بالعمليات الميدانية، وعلى تكامل واندماج الاستراتيجيات الدولية".
ودعا إلى ضرورة العمل على توجيه مشروع سياسي متكامل في أفريقيا وتقليص أعداد اللاجئين عن طريق إيجاد فرص العمل المناسبة وبناء رعاية صحية متكاملة ووضع نظام تعليمي لتشجيع الناس على البقاء في بلادهم.
وعن الوضع الأمني في فرنسا، حذر دوفيلبان من أن المناخ في الداخل الفرنسي مهيأ للإرهاب بالنظر لغياب قوانين ردعية، حيث أشار إلى أنه ليس بإمكاننا التساهل مع حقيقة أن القتلة يجولون، يسرحون ويمرحون، في البلاد طولاً وعرضاً ينبغي أن تكرس جميع الوسائل والأدوات القانونية في الدولة لإيقافهم وتقديمهم للعدالة.
وأضاف "علينا أن نحسن من أنظمة الردع والرقابة وحماية المواقع الحساسة، وأن نقطع الطريق على نشر التطرف" من خلال التعاون الداخلي والدولي على مستوى أوروبا بأسرها، مشيراً إلى أن العالم بات بأسره معنياً بالإرهاب.