ربما لم يتوقع الرئيس الاميركي ​دونالد ترامب​ صعوبة تنفيذ وعود اطلقها قبل وصوله الى ​البيت الابيض​، بسبب ضغوطات داخلية تتراكم وازمات خارجية تتفاقم على ادراته من ​سوريا​ الى ​كوريا الشمالية​.

كثرة وعوده باتت عبئا كبيرا على فريق عمله بسبب قراراته المتأرجحة، الملف السوري يبقى ابرزها الضاغطة عليه بعد اتهامه بتفويض ​موسكو​ جمع خيوط الاشتباك السوري، مع العلم ان هذا لا يعني التسليم مطلقا بخيارات ​الكرملين​.

ورغم غموض كثير من تفاصيل بنود اتفاق المناطق الامنة، فان مداميك الحل السياسي تتقدم بعد جهود توحيد "المعارضات" السورية، وسط تسجيل صمت سعودي اقرب الى الموافقة الضمنية على الانخراط اكثر في تقاسم مكاسب سياسية ولو بوجود مرحلي او دائم للاسد.

القوى الدولية وتبعاتها الاقليمية تصطف بحذر، بانتظار تفاهمات اكبر، المعطيات توحي بان قطار الازمة السورية ليس مقايضة اولى، وقد لا تكون الاخيرة في إطار فن صفقات يتقنها ترامب جيدا، ويعد لاعبها الاول ضمن استراتيجية الحماية السياسية والصفقات العسكرية لحلفاء مفترضين مقابل مكاسب مالية اقتصادية يحققها للاميركيين، دعونا لا ننسى صفقة المليارات الاخيرة مع السعودية، هي عينة صغيرة منها.

ترامب وفريق عمله غير متجانسي المواقف خصوصا بين البيت الابيض و​البنتاغون​، لكن هذا لا يعكس تماما حقيقة ما يقال عن صراعات بين اجنحة سياسية واخرى عسكرية، او ما يحكى عن دولة موازية داخل ​الولايات المتحدة​، ربما انصب اهتمام ادراة ترامب في بداية عملها على الداخل الاميركي ولكن فريق عمله بات مكتملا رغم توالي الاستقالات لتحديد ورسم سياسة خارجية في ملفات ملحة قد لا تكون مختلفة كثيرا عن سياسة سلفه باراك اوباما، خصوصا لجهة استبعاد التدخلات العسكرية المباشرة كخيارات استباقية، او خوفا من تبعات مدمرة، ربما الزعيم الكوري الشمالي كان السباق قي وقف الاندفاعة "الترامبية" نحو تفجير شبه الجزيرة الكورية.

عيون ترامب السورية تنصب على شمال البلاد وتحديدا المناطق الكردية، وما حققته خلال هذه الفترة من مكاسب، بعدما فرضت موسكو وحلفاءها امرا واقعا في البادية السورية، ما دفع ترامب للموافقة على نشر قوات شرطة روسية في الجنوب السوري تحت عنوان ​مكافحة الإرهاب​.

وفي حين تدفع ​واشنطن​ باتجاه تزخيم ​معركة الرقة​، فان حسابات موسكو ليست اكثر ارتياحا، تريد تامين خروج بكلفة توازي حجم التورط في معركة ليست مضمونة النتائج حتى الان، كما ان الانتهاء من مرحلة "داعش" يفتح شهية لاعبين اقليميين لا سيما ​تركيا​ و​ايران​ على حصص اكبر وبالتالي فان اصطدام الرئيس الروسي ​فلاديمير بوتين​ وترامب بحلفائهم وارد!

اللاعب التركي بات طرفا فاعلا خصوصا انه من الضامنين الثلاث للمناطق السورية الامنة، ل​انقرة​ هاجس مستمر هو كيفية تكبيل التحركات الكردية الساعية لاستقلال في الشمال السوري موازي لاقليم ​كردستان العراق​.

وبين وعود موسكو ووعيد واشنطن لها، تبدو ​طهران​ اكبر المستفيدين فهي لن تقبل بازاحتها عن المشهد الميداني وبطبيعة الحال السياسي، القيادة الروسية تدرك هذا تماما، قدرة ايران العسكرية بامتدادات تحالفاتها من الحشد العراقي الى ​حزب الله​ مكنتها من تثبيت نفوذ في المنطقة لطالما توعد وتباهى بها قادة ايرانييون.

قد تكون ​الاستخبارات الاميركية​ اكثر دقة في التعبير عن هامش تحركات ترامب، حين اكد مديرها شار ​مايك بومبيو​ ان مصالح واشنطن وموسكو متعارضة في سوريا، قائلا ما حرفيته "من وجهة النظر الاستخباراتية إنهم ينوون البقاء في سوريا يعجبهم ميناء في مياه لا تتجمد ويريدون ازعاج الولايات المتحدة".