منذ أن بدأت بعض الأصوات في تيار "المستقبل" بالتلميح الى عدم وجود مشكلة في تبني ترشيح رئيس حزب "الكتائب" أمين الجميل في الدورة الثانية إذا كان هذا الترشيح يحدث خرقاً في أصوات الفريق الآخر، حتى بدأ يظهر الى العلن التخوف القواتي من تخلي الحلفاء عن ترشيح رئيس حزب "القوات اللبنانية" ​سمير جعجع​، ما يجعله مضطراً الى الإنسحاب من المعركة التي من المستحيل أن يخوضها وحيداً.

هذا الحذر القواتي من موقف التيار الأزرق، تبرز خلفياته في الجلسات الخاصة. "القضية لا تقف عند حدود ترشيح الجميل، أو أي شخصية أخرى من داخل 14 آذار"، يقول مسؤول قواتي، مشدّدًاً على أنّ "الخوف كل الخوف هو من تسوية ما وراء الحدود تطيح بكل ترشيحات تحالف الرابع عشر من آذار دفعةً واحدة".

وبما أنّ العقبة الأساسية التي تحول دون إنتخاب رئيس جديد للجمهورية باتت محصورة بنصاب الثلثين، أي أن المرشح عليه أن يؤمن 86 نائباً داخل القاعة بغض النظر عن الأصوات التي ينالها، وهذا أمر من الصعب تحقيقه داخلياً وسط الإنقسام السياسي الحاد، ينطلق التخوف القواتي من مؤشرات تدخل خارجي إقليمي أو دولي محتمل قد ينتج عن التقارب السعودي-الإيراني، وبرعاية أميركية واضحة، في مهمة محددة لتأمين نصاب جلسة إنتخاب الرئيس. وفي حال تحققت المخاوف القواتية، لن يكون في هذه الجلسة إلا العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية اللبنانية.

أما السيناريو المرسوم لهذا التدخل، بحسب المسؤول القواتي، فيمكن تلخيصه كالآتي: تضغط المملكة العربية السعودية على قيادة تيار "المستقبل" فتعطي هذه الأخيرة لنوابها كلمة السر لتأمين نصاب الجلسة، وهذا التدخل السعودي ينسحب أيضاً على كتلة النائب وليد جنبلاط. وإذا كان التقارب العوني-الحريري وصل الى خواتيمه السعيدة في حينها، يصوت بعض نواب تيار "المستقبل" لمصلحة عون فيأتي الأخير رئيساً بعدد كبير من الأصوات قد يتخطى المئة صوت، أما إذا كان التقارب بين التيارين البرتقالي والأزرق غير ناضج، فتقتصر عندها مهمة نواب "المستقبل" على تأمين النصاب، وتسند مهمة التصويت لمصلحة العماد عون الى الكتلة الجنبلاطية الكافية مع أصوات نواب الثامن من آذار وتكتل "التغيير والإصلاح" مع ما ينضم اليهم من نواب مستقلين صوتوا في الدورة الأولى للمرشح هنري حلو هرباً من التصويت لجعجع، بإيصال الجنرال الى القصر الجمهوري وبأكثرية تتخطى السبعين صوتاً.

لكلّ ما تقدّم، لا ينفك القواتيون عن تحذير قوى الرابع من آذار لما يحاك لها إقليمياً ودولياً، داعين مكوّناتها الى تكثيف الإجتماعات الهادفة الى رصّ الصفوف داخلياً والإبقاء على لبننة الإستحقاق الرئاسي.

فهل يصح التخوف القواتي؟ حتى اللحظة، ليس هناك من جواب، ولا بد من الإنتظار ومتابعة ما يجري خلف الحدود، إضافة الى رصد تحركات وزير الخارجية جبران باسيل الداخلية منها والخارجية.