رغم ترشح كلّ الكتل النيابية إلى الانتخابات ومن ضمنهم الذين يسعون للتمديد بحجة عدم امكانية إجرائها في الظروف الحالية، لم يرصد مرشح واحد يقوم بحملة أو جولة في منطقته أو تحضير للانتخابات. الكلّ قدم ترشيحات إحتياطية، في حال لم يحصل ​التمديد​ للمجلس وبقيت المكابرة السياسية قائمة حتى 16 تشرين الثاني، الترشيحات صارت جاهزة. قد تبدأ الانتخابات في الخارج قبل أن تبت القوى السياسية أمرها. الحكومة تنتظر، علماً أنها تتحمل مسؤولية أساسية رغم جهوزية وزارة الداخلية والبلديات. يجب حسم أمر هيئة الإشراف على الانتخابات.

تحت ضغط الوقت، نشطت في الساعات الماضية حركة سياسية لتحديد الخيارات. شكلت عين التينة محوراً أساسياً وخصوصا بعد زيارتي النائبين ​سامي الجميل​ و​جورج عدوان​ لبحث موضوع التشريع، ما يعني الرغبة ضمنياً عند قوى 14 آذار بتفعيل عمل المجلس ولو بالحد الأدنى وصولا الى التمديد. بالمقابل، بقي رئيس المجلس النيابي نبيه بري مصراً على رأيه: لا تمديد لمجلس معطّل. الموقف ثابت عنده غير قابل لا للمقايضة ولا المساومة.

يسأل بري: لماذا التمديد؟ عندما حصل عام 2013 كان هناك اتفاق على مجموعة قوانين، لكن إستقالت حكومة نجيب ميقاتي. قالوا: لا تشريع بغياب الحكومة. ثم حصل الشغور الرئاسي. قالوا: لا نشرّع بغياب الرئيس.

يكرر بري أمام زواره: هذا المجلس بات كالسفرجلة كل عضة بغصة.

رئيس المجلس المقتنع بأن الوقت متاح للتحضير للانتخابات حتى موعد إجرائها في 16 تشرين الثاني، يقول: إذا إقتضى عقد جلسة للمجلس فليحصل تعديل بنود في قانون الانتخابات تنسجم مع إجرائها، وإذا كان هناك قرار بالتمديد فيجب أن تتخذ الحكومة موقفاً وتقدم التبريرات وتتحمل هي المسؤولية.

يصرّ بري على اجراء الانتخابات خصوصاً أن الوضع الأمني اليوم افضل مما كان عليه العام الماضي، يومها كانت الإضطرابات موجودة في طرابلس وصيدا، عدا عن أن وضع لبنان الأمني الآن أفضل من اي دول اخرى جرت فيها الانتخابات كالعراق.

رفضُ بري للتمديد يقابله احترامه لما سيقرره المجلس، لكنه قال أمام زوار عين التينة أنه سيقترع وكتلته "التنمية والتحرير" ضد التمديد.

إصرار رئيس المجلس على انتخابات نيابية ولٌد هجمة على الترشيحات فدخل الى خزينة الدولة حوالي اربعة مليارات ليرة جراء رسوم الطلبات، علماً أن الخزينة ستكسب مليارا و 200 مليون ليرة، بإعتبار أنّ المرشحين الذين قدموا طلباتهم ستستوفي الدولة ما في ذمتهم من ضرائب في حال وجودها وتعيد الباقي. هذه إيجابية تُرجمت في خدمة الخزينة العامة.

في الأيام القليلة الماضية، تقدم الحديث في لبنان عما يجب فعله لتحديد الخيارات. وكيف السبيل لتفعيل عمل المجلس طالما أنّ بري يصر على ذلك؟ من هنا جاءت زيارة الجميل الى عين التينة. لم يقل الشيخ سامي انه مع التشريع وعقد جلسات، لكنه أبدى الإستعداد لكل إيجابية. أما عدوان فطرح تفاصيل وآراء.

يقول بري ان اللقاء مع نائب "القوات" كان إيجابياً، بعدما سمع منه ان كتلة "القوات" تؤيد عقد جلسات تشريعية ضمن ملفات ضرورية. نظر بري الى الكلام القواتي على انه موقف متقدم عن السابق، وردّ: لا خلاف على هذه النقطة.

التفاهم هنا مبدئي، لكن تنتظر الترجمة قرار حلفاء "القوات"، بإعتبار ان "المستقبل" يقول أنه مع التشريع لكنه متضامن مع حلفائه بسبب عدم انتخاب رئيس. هذا الأمر بالنسبة الى بري يجري تدبيره بين الحلفاء انفسهم.

أبلغ بري زواره بمن فيهم الجميل وعدوان أنّ هناك أولويات لا يمكن الإستغناء عنها في اي جلسة:

أولا : سلسلة الرتب والرواتب. ثانياً: موضوع اليوروبوند. ثالثاً: رواتب الموظفين. رابعاً: الموازنات المحالة الى المجلس. خامساً قانون الانتخابات او ما يتعلق بتعديل بعض بنوده.

بالنسبة الى رئيس المجلس هذه بنود ملحّة لا يمكن تأخيرها. يمكن أن تقر في جلسة أو أكثر. لكن مبدأ إستعادة التشريع يعني عقد أكثر من جلسة.

بناء على اي تفاهم لإستئناف عمل المجلس، سيبدأ بري بإجتماع هيئة مكتب المجلس ووضع جدول الأعمال وينطلق من الجدول السابق الذي تتصدره سلسلة الرتب والرواتب التي لا تزال جلستها مفتوحة.

فهل يُصار الى الاتفاق السياسي لتفعيل عمل المجلس بجلسات تشريعية يتبعها قرار التمديد أم أنّ الخلاف حول بنود التشريع سيأخذ البلد الى انتخابات نيابية وفق القانون النافذ؟

بعد موقف عدوان، الكفة تميل للتشريع ثم التمديد رغم جهوزية الترشيحات لإجراء الانتخابات. فلننتظر موقف قوى 14 آذار مجتمعة.