كلما إزداد الحديث عن توسع تنظيم داعش في الجرود القلمونية على حساب التنظيمات والفصائل السورية الأخرى، كالجيش السوري الحر و​جبهة النصرة​ وغيرها، كلما إزداد خوف أهالي العسكريين المخطوفين لا سيما هؤلاء الذين تحتجز جبهة النصرة أولادهم. أول ما خطر على بالهم عندما علموا من وسائل الإعلام أن "داعش" يسطر أكثر فأكثر على المناطق الحدودية الممتدة من جرود عرسال الى جرود رأس بعلبك، الأسئلة التالية: ماذا لو سيطر تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام على كامل المنطقة الجردية ولم يعد هناك وجود لجبهة النصرة؟ هل سيصبح العسكريون الذين يتوزعون اليوم بين مع داعش و مع النصرة بقبضة التنظيم جميعاً؟ وعندها ماذا عن المفاوضات مع جهة خاطفة واحدة لا مع جهتين؟ هل ستكون أصعب أم أسهل مما هي عليه اليوم مع التتنظيمين؟ هل يرفع "داعش" سقف شروطه للمقايضة إذا أصبحت الكلمة الفصل له بملف العسكريين بعدما حكي أن العرض الأخير له وصل به الى ثلاثة سجناء مقابل كل عسكري؟

امام هذه الأسئلة ينقسم الأهالي الى فريقين: فريق يعتبر أن حصر قرار المفاوضات على العسكريين بفريق واحد إيجابي بكل ما للكلمة من معنى، وفريق لا يرى في الأمر إذا حصل إلا السلبية.

بالنسبة الى الفريق الأول، لطالما إشترطت الحكومة اللبنانية على الخاطفين حل قضية العسكريين سلةً واحدة، "بالجملة لا بالمفرق"، ولطالما سرب عن خلية الأزمة أنها لا تريد حل القضية على دفعات، وفي حال أصبح جميع المخطوفين بعهدة جهة خاطفة واحدة، تسهل عملية التفاوض على قاعدة السلة الواحدة. من الإيجابيات التي يراها الفريق الأول أيضاً بجمع العسكريين المخطوفين مع داعش، السهولة التي يمكن أن تستفيد منها الحكومة اللبنانية في المفاوضات، وتحديداً لناحية الحصول على لائحة واضحة ومحددة بالمطالب، خصوصاً بعدما عانى المدير العام للأمن العام اللواء عباس أبراهيم الأمرين من التناقض وعدم الدقة بين لوائح "النصرة" ولوائح "داعش" التي سربت ولم تسلم رسمياً في الفترة الماضية. ويقول والد أحد المخطوفين، "بالتأكيد تكثر المطالب عندما يكون القرار بيد تنظيمين، وعندما تصبح المطالب اقل تسهل المهمة على المفاوضين من قبل الحكومة".

كل هذه الحسابات والإعتبارات، لا يرى فيها الفريق الثاني من الأهالي إلا السلبية. "داعش" أكثر تشدداً من "النصرة"، وبالتالي يعتبرون أن تهديد أولادهم بالقتل مع تنظيم الدولة وارد بأي لحظة وبنسبة أعلى بكثير مما هو عليه مع الجبهة حالياً. وبحسب هذا الفريق أيضاً هناك أكثر من وسيط لبناني وغير لبناني يمكنهم التفاوض مع "النصرة" ومنع عملية القتل في اللحظات الأخيرة أو تأجيلها، بينما عدد الوسطاء الذين يمكنهم الحديث مع "داعش" قليل جداً، كما أن القرارات بشأن العسكريين باتت مرتبطة بالخليفة أبو بكر البغدادي وليس بالقيادة الفرعية للتنظيم في جرود القلمون الأمر الذي يصعب عملية المفاوضات ويقلل من نسبة تحرير العسكريين.

إذاً لكل من الفريقين وجهة نظره الخاصة في مقاربة القضية، وفي الوجهتين حسابات منطقية لا بدّ من التوقف عندها، أما السؤال الذي يطرح في هذه المرحلة التي يتزايد فيها نفوذ "داعش" في جرود القلمون، فهو هل وضعت خلية الأزمة إحتمال أن يصبح بقضبة التنظيم عسكرياً مخطوفاً؟