شكلت الذكرى السنوية لتغييب الامام موسى الصدر كل عام محطة سياسية وعلامة فارقة في الحراك السياسي ليس على مستوى معاني هذه الذكرى فحسب، بل على مستوى المواقف التي أطلقها الرئيس نبيه بري في المهرجانات الحاشدة في كل مساحة الوطن.

وحتى العام الماضي حيث تعذّر اقامة المهرجان السنوي واستعيض عنه بمؤتمر صحافي لأسباب أمنية، بقيت هذه الذكرى مناسبة لاطلاق المبادرات السياسية ومقاربة العديد من الملفات وقضايا لبنان والعرب والمسلمين.

وعلى مدى السنوات والسنوات بقيت هذه الذكرى مناسبة جامعة في خضم الانقسامات والتشققات، تأكيداً وتكريساً لنهج الامام الصدر والرئيس بري قائد مسيرته. ويشهد على ذلك الوقفات التارخية لهذا المسار منذ اطلاق انتفاضة وحركة المحرومين، مرورا بتشكيل «أفواج المقاومة اللبنانية» في وجه الاحتلال والخطر الاسرائيليين، ثم بلورة وتأطير الحركة على كل المستويات التنظيمية والشعبية بقيادة الرئيس بري الذي استطاع ان يقود الجبهات والهيئات الوطنية في وجه اتفاق 17 أيار، وقبلها ان يطلق شرارة المواجهة والمقاومة للعدو الاسرائيلي في حرب العام 1982 والى جانبه باقي الفصائل الوطنية.

ومع الذكرى السابعة والثلاثين لتغييب الامام تشتد معاناة المواطنين تحت وطأة الازمات المعيشية والسياسية والاجتماعية وانتشار الفساد، الامر الذي يفرض على حركة «أمل» ان تكون في مقدم العاملين والناشطين لرفع الحرمان عن فئات واسعة من اللبنانيين على مختلف طوائفهم ومناطقهم. ولذلك اطلق الرئيس بري قبل اندلاع الحراك الشعبي الاخير الصوت عاليا في وجه الشلل والتعطيل الذي يصيب المجلس النيابي والحكومة، وحث كل الاطراف على مقاربة هذا الموضوع بايجابية بعيداً عن التحدّيات والتجاذبات، للانصراف الى معالجة كل الاستحقاقات وفي مقدمها الملفات المتصلة بأحوال اللبنانيين ومعيشتهم.

ومما لا شك فيه انه سيكون للرئيس بري في ذكرى تغييب الامام الصدر يوم بعد غد الاحد مواقف مهمة على المستوى الوطني والازمة السياسية الراهنة. وتتوقع الاوساط المراقبة ان يطلق مبادرة تحاكي هذا الوضع في اطار الجمع وليس الانقسام. كما سيكون له مواقف على صعيد العديد من الملفات والاستحقاقات بدءاً من الشغور الرئاسي، مروراً باعادة عمل المجلس النيابي، وانتهاء بسبل ديمومة العمل الحكومي بمشاركة كل مكوناتها.

ووفق الاوساط المراقبة فان خطابه سيتضمن ايضاً مواقف تتعلق بازمات المنطقة، وما تشهده من تصعيد على كل المستويات.

وستحيي حركة «امل» هذه الذكرى بمهرجان رسمي وشعبي يشارك فيه المسؤولون والوزراء والنواب والبعثات الديبلوماسية والهيئات الدولية والاقليمية والمحلية وحشود من المواطنين من مختلف المناطق لا سيما الجنوب والبقاع وبيروت. وستكون محطة الذكرى هذه السنة ساحة عاشوراء في قلب مدينة النبطية والجنوب.

وعشية المهرجان اتخذت تدابير تنظيمية دقيقة، واجراءات امنية مشددة لتأمين سلامة هذه المناسبة الجماهيرية.

وفي المناسبة وجه الرئيس بري نداء الى اللبنانيين امس قال فيه: «اننا في حركة امل التي اسسها الامام الصدر، هذه الحركة الوطنية الشريفة التي اخذت على عاتقها صون كرامة الوطن ومقاومة الاعتداءات الاسرائيلية، اننا في حركة امل سنبقى مثل موج البحر لا نهدأ حتى عودة الامام ورفيقيه الى ارض الوطن».

«اننا نؤكد ان جامعة الدول العربية وكل النظام العربي والدول الاسلامية ومنظمة العمل الاسلامي، معنيون بوضع حد لجريمة العصر المتمادية المتمثلة بحجز حرية ركن كبير من اركان وطننا».

«ان الامام وكأنه ينظر الى صورة الساحة اللبنانية اليوم يقول:

«ان الحرمان يخلق شعور الغضب ويجرح كرامة الانساني، ويؤثر في الولاء للوطن واحترام القوانين، وان المرض اللبناني سببه الطائفية وغياب العدالة وعدم اتفاق اللبنانيين والاعتداءات الاسرائيلية، وان الوطن يجب ان لا يساق الى الجمود باسم التوازن بين الطوائف، ولا بد من التذكير بانتباهه ان اصحاب الامتيازات بالغوا في تلبية رغباتهم واهملوا حاجات اكثرية الشعب».

ودعا الرئىس بري في ختام ندائه الى المشاركة في يوم الوفاء للامام الصدر ورفيقيه الشيخ محمد يعقوب والصحافي عباس بدر الدين الذي سيقام بعد غد الاحد عند السادسة مساء في ساحة عاشوراء في النبطية.

واكد «اننا لن نتسامح مع نظام الاستبداد البائد الذي حكم ليبيا ورموزه، ولن ننسى الذين تنكّروا لضيفهم وسرقوا حريته وحقه في الحياة، وسنبقى نناضل من اجل رمز حرية الوطن الامام الصدر ورفيقيه ومن اجل ازدهار الانسان في لبنان».