منذ الإعلان عن الإتفاق الروسي الأميركي القاضي بوقف ​إطلاق النار​ في جنوب ​سوريا​، بالتزامن مع المعارك الدائرة في البادية السورية، طرحت علامات الإستفهام حول مصير الفصائل العاملة في الجبهتين، لا سيما مع إعلان الرئيس الأميركي ​دونالد ترامب​ وقف برنامج التسليح السرّي للمعارضة السورية، ليأتي بعد ذلك الكشف عن خلاف وقع بين ​التحالف الدولي​ لمحاربة الإرهاب، الذي تقوده واشنطن، و"لواء شهداء القريتين" الذي كان قد انضم مؤخراً إلى المشروع المدعوم من ​البنتاغون​ ويضم جيش "مغاوير الثورة" لمحاربة عناصر تنظيم "داعش" في البادية السورية.

في هذا السياق، يوضح مسؤول المكتب الإعلامي لـ"جيش أسود الشرقية"، سعد الحاج، أن في البادية السورية مشروعين حالياً، الأول يخص "البنتاغون" ويدعم فقط "مغاوير الثورة" لقتال تنظيم "داعش"، في حين أن المشروع الثاني هو "غرفة الموك"، التي تدعم "جيش أسود الشرقية" وقوات "الشهيد أحمد العبدو"، لقتال تنظيم "داعش" و​الجيش السوري​ معاً، مع العلم أن هذه الغرفة مدعومة من 6 دول خارجية، بينها ​الولايات المتحدة​ والأردن و​فرنسا​، إلا أن مصادر خاصة بـ"النشرة" تكشف أن الإختلاف بالموقف الأميركي بين المشروعين يعود إلى أن الأخير مدعوم من جهاز المخابرات المركزية، أي "CIA"، لا وزارة الدفاع "البنتاغون" التي تدعم المشروع الأول.

بالنسبة إلى حادثة سحب السلاح من قوى المعارضة، يلفت الحاج أن المسألة متعلقة بـ"لواء شهداء القريتين"، الذي كان من ضمن الفصائل المنضوية في غرفة "الموك" لكن منذ نحو شهرين قرر الإلتحاق بالمشروع الآخر المدعوم من "البنتاغون"، في حين لا يوجد أي صلة بين "جيش أسود الشرقية" و"قوات الشهيد أحمد العبدو" والتحالف الدولي لا في قتال "داعش" ولا في قتال الجيش السوري، ويلفت إلى أن ذلك اللواء أقدم منذ نحو أسبوعين على شن هجوم على مواقع تابعة للجيش السوري في مناطق العليانية والهبلة، الأمر الذي أثار غضب الجهات الداعمة له، أي "البنتاغون" و"التحالف الدولي"، نظراً إلى أن المشروع الذي يقاتل ضمنه لا ينص على قتال الجيش السوري، ما دفعها إلى التهديد بسحب السلاح المقدم له بحال لم يلتزم بالشروط المنصوص عنها في الإتفاق، ويضيف: "لواء شهداء القريتين قرر عند ذلك الخروج من مشروع البنتاغون".

على هذا الصعيد، علمت "النشرة" أن اللواء الخارج من مشروع ​وزارة الدفاع الأميركية​ شارك أول من أمس في معركة إلى جانب "جيش أسود الشرقية" و"قوات "الشهيد أحمد العبدو"، لكن مصادر في قوى المعارضة لا تؤكد ولا تنفي، عبر "النشرة"، إمكانية أن يكون هذا اللواء عاد إلى العمل ضمن غرفة عمليات "الموك"، إلا أنها تكشف أنه في آخر الإتصالات التي تمت مع التحالف الدولي أبلغ هذا الفصيل بأن المطلوب منه أن يسلم السلاح الثقيل والمتوسط، لكن في المقابل يستطيع الإحتفاظ بالأسلحة الخفيفة والآليات التي كان قد تسلمها.

وفي حين تشير المصادر نفسها إلى أن هذا الواقع له علاقة بالخلافات داخل الإدارة الأميركية بشكل رئيسي، الأمر الذي ينعكس على الداخل السوري، ترجح أن يكون التوجه بالنسبة إلى المنطقة الجنوبية هو نحو إبعاد عناصر جبهة "النصرة" إلى ادلب مقابل إبعاد المليشيات الإيرانية عن المنطقة، على أن يصبح ملف هذه الرقعة الجغرافية الخاضعة للإتفاق الروسي-الأميركي، سوري-سوري، أي بين الجيش السوري و"الجيش السوري الحر"، وتوضح أنه بعد الإنتهاء من هذه الترتيبات قد يجري العمل على إعادة فتح معبر نصيب الحدودي بإدارة الجانبين.

في هذا الإطار، توضح مصادر أخرى، عبر "النشرة"، أنه حتى الآن لم يصدر أي قرار فعلي بحل الجبهة الجنوبية، لكنها تلفت إلى أن القرار الوحيد هو قرار إيقاف الدعم الأميركي، وتشير إلى أنه في الإطار نفسه تم الحديث عن التوجه نحو تشكيل "الجبهة الوطنية لتحرير سوريا" من قبل بعض الفصائل غير الأساسية، وتضيف: "تلك الفصائل لم تصرح عن الجهة التي طلبت منهم التوحد أو التي ستتولى الدعم"، وتؤكد بأن لا شيء سيتغير فعلياً قبل شهر كانون الأول المقبل أي تاريخ توقف برنامج الدعم الأميركي رسمياً.

وتشير هذه المصادر إلى أن الجبهة الجنوبية لا تزال مستمرة في معاركها ضد تنظيم "داعش"، كما أن عناصرها لا يزالون مرابطين على خطوط التماس مع الجيش السوري ولديهم الاستعداد للرد على أي خرق، لا سيما أن ليس لديهم ثقة بقرار وقف إطلاق النار، الناتج عن الإتفاق الأميركي الروسي، رغم إلتزامهم به.

وتشدد هذه المصادر على أن ما يمكن قوله أن الحصة الأميركية من الدعم لغرفة "الموك" هي التي توقفت، لكن في المقابل لا تزال باقي الدول تقدم حصتها من الدعم، وتضيف: "واشنطن نفسها لا تزال حتى الساعة مستمرة في تقديماتها لجهود الحرب على ​التنظيمات المتطرفة​"، لكنها تسأل عن موقف تلك الفصائل في حال قررت واشنطن وجوب أن تحارب عناصر هيئة "تحرير الشام" أو "​جبهة النصرة​".