أعرب الرئيس الألماني السابق ورئيس المنظمة العربية الأوروبية للتعاون الاقتصادي "إيما"، ​كريستيان وولف​ عن "قلقه مما يحدث منذ أكثر من أربع سنوات في منطقة الشرق الأوسط، تلك المنطقة التي تربطنا بها الجغرافيا وحتى التاريخ، وبالتأكيد فإن ما يحدث فيها ينعكس سلبا على أوروبا"، موضحاً ان "الوضع في المنطقة خطير جدا، ويمثل انتهاكا صارخا لحقوق الإنسان وبالتحديد المرأة والطفل، فما نراه من قتل وتشريد وتدمير وتلويث للأجواء والبيئة بالقنابل والمتفجرات، مؤشر على أن النهايات لن تكون قريبة أو سعيدة".

وأضاف في حديث لصحيفة "الراية" القطرية: "ما أعتقده أن الأمور لم تخلق هكذا بل لها أسباب، ولذلك أدعو القادة العرب إلى المصالحة مع أنفسهم أولا وبناء جسور الثقة مع شعوبهم، وأن يحترموا مبادئ ومواثيق الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، كما أن المطلوب من هؤلاء القادة أن يعملوا وبجدية، على خلق المواطنة الحقة وتحقيق المساواة وتوفير فرص العمل للجميع، من أجل ضمان حياة مجتمعية مستقرة وآمنة"، مشيراً الى اننا "نرى في الشرق الأوسط أن دائرة العنف تتزايد، وها نحن نرى ملايين اللاجئين السوريين في الأردن ولبنان وتركيا والشتات، وقد غادروا بلدهم طلبا للنجاة بأنفسهم، ويعيشون ظروفا قاهرة أسوأها الحرمان والحنين إلى بلدهم"، ذاكراً "نحن نتخوف كثيرا من تعميق الصراعات في منطقة الشرق الأوسط، وهذا بطبيعة الحال له انعكاس سيئ على السلم العالمي والتنمية، وما يجري أيضا يشكل بيئة مشجعة للإرهاب الذي نراه يتنامى يوما بعد يوم".

ورأى وولف ان "الحل ليس من الخارج، وعلى العرب أن يتصالحوا فيما بينهم ويتفقوا على التعايش وفق الأطر والمبادئ الإنسانية، وإحداث تنمية حقيقية ومساواة فيما بينهم، وتشجيع التعليم وتوفير البنى التحتية والصحة، وتوفير مياه الشرب الصالحة واستغلال ثرواتهم بما يعود عليهم بالمنفعة والخير"، معتبراً ان "العالم الخارجي وبالتحديد أوروبا وأميركا يشكلون عوامل مساعدة للاستقرار في المنطقة لكنهم ليسوا هم أساس الاستقرار"، مؤكداً ان "الحوارات الداخلية الهادئة والهادفة مطلوبة لتقريب وجهات النظر العربية، وعلى الجميع اعتماد لغة الحوار وهجر لغة السلاح ، فالحوار غير مكلف كالسلاح"، مشدداً على ان "المطلوب من العرب البحث عن السلام بداخلهم، لأنهم لن يجدوه في الخارج، وعلى العكس فإن التكاتف العربي يشكل قوة للعرب، ولذلك فإن البحث عن عناصر التوافق بين العرب أمر مهم".

ولفت وولف الى ان "الحل الصحيح لمشكلة الشرق الأوسط يكمن في تأسيس دولتين إسرائيلية وفلسطينية، تتعايشان معا وتتبادلان الاعتراف وتتعاونان في مجالات التنمية وتحسين ظروف الجميع المعيشية"، مشيراً الى ان "هذا الحل هو الضمان الأكيد والخطوة المهمة جدا لتحقيق السلام في المنطقة، وفي حال توصل الفلسطينيون والإسرائيليون إلى هذا الحل ونفذوه على أرض الواقع، فإنهم سيجدون أوروبا تدعمهم بكل القوة المعهودة وتقدم لهم المساعدات المطلوبة، لأن السلام والهدوء في هذه المنطقة مطلب أوروبي بحت".

وشدد وولف على ان "المياه هبة من الله ويجب المحافظة عليها، واستغلالها كما يجب لأهميتها، ونحن نؤمن أن المياه عنصر جذب وسلام وليس عامل حرب بين أوروبا والعالم العربي، ولذلك أقول للأوروبيين والعرب أن شدوا الهمة وتعاونوا معا من أجل السلام والتنمية واحترام حقوق الإنسان".

واذ رأى وولف ان "داعش" تنظيم إرهابي، يمارس العنف والإرهاب ويقتل البشر ويهدم الآثار ويعتدي على الأقليات المسيحية التي عاشت بسلام في المنطقة، ويشكل داعش خطورة كبيرة على السلم في المنطقة وفي العالم أجمع"، مضيفاً "هناك آراء متعددة حول نشأة هذا التنظيم وأهدافه وتمويله، ولكن الجميع يتفقون على خطورته على السلم العالمي".